رحلة إلى منتجع "الباهماس"..

اثنين, 04/05/2021 - 12:14

الحوادث- مع كثرة المشاغل والهموم، والضجر من صخب المدينة،يضطر المواطن إلى البحث عن متنفس يقضي فيه عطلة الأسبوع.. يتمتع فيه بلذة الراحة بعيدا عن الأجواء المملة التي اعتاد عليها  في يومياته.

وبما أن المستثمر لم يتوجه بعد نحو السياحة والاستجمام،وإنشاء منتجعات في مناطق طبيعية يخلد فيها المواطن إلى الراحة، ويجد فيها ما ينفس عنه من كآبة الحياة، وإكراهاتها.

يضطر – المواطن- في رحلته للبحث عن متنفس من الحياة اليومية التي يكابدها التعلق بكل ما يجد فيه ولو فسحة تنسيه بعض ما يعيشه.

وبعيدا من صخب شاطئ المرفأ، وفنادق: مرحبا، وديدي  اللذين تعب المتنزهون من ضجيج وصخب زوارهم.. وعدم الأمن بسبب انتشار السطو والسرقة.

قررت مع موكب تنظيم رحلة نزهة وقضاء عطلة الأسبوع في منتجع"الباهماس" الذي سمعت عن جمال شاطئه، وروعة التنزه فيه الكثير من القصص  .

لم يتسنى للموكب مغادرة  الحي الذي سينطلق منه إلا في وقت متأخر من المساء..بعد أن رتب كل اللوازم الضرورية للرحلة- خيمة صغيرة، وبعض الأفرشة، وآلة المطبخ والشاي- حتى غص صندوق مؤخرة السيارة بالحمولة،واضطر أفراد الموكب حمل البعض منها معهم في المقاعد.

الطريق إلى منتجع "البهماس"..

تحركت سيارة الموكب-ذات الحجم الصغير- تجوب الشوارع من القطاع الثالث في حي السعادة "ملح"بتوجونين مساء السبت 03/04/2021 ،تجتاز الأحياء حيا تلو الآخر حتى دخلت لكصر عبر المطار القديم..ثم عرجت نحو تفرغ زينه، حيث سلكت الشارع الرسمي  إلى ملتقى BMD ،ومنه عرجت نحو مخبزة الأمراء، ثم مع طريق الكنيسة تتحرك ببطئ عبر الشارع حتى ملتقى وزارة الخارجية ومنه عرجت إلى اليسار نحو شارع نواذيبو.

كان من ضمن الموكب شخص واحد سبق أن زار المنتجع، ولذلك كان الدليل..بعد قطع مسافة طويلة تزيد على سبع كلمترات على طريق- مطار أم التونسي- قطعت الطريق لوحة كبيرة مثبتة في الوسط بين الشارعين كتب عليها بخط عريض – منتجع "الباهماس"يرحب بكم- وقادتنا اللوحة إلى طريق رملي على الجانب الأيسر..عرج السائق نحوها، وسلك ها خلف سيارة رباعية سبقت للطريق عرجت نحو اتجاه مغاير لاتجاه المنتج الذي ظهرت أنواره خافتة .. وتابع السائق المسير على الطريق الرملي اللين المليئ بالحفر،يتحرك ببطئ نحو الأضواء التي تكبر شيئا فشيئا كل ما اقتربت السيارة منها.. بعد وقت قصير قطعت الطريق بوابة المدخل إلى المنتجع، حيث ظهر شاب أسمر من غرفة من الخشب منصوبة على جانب البوابة، وطلب باحترام مبلغ 100 أوقية جديدة رسوم دخول السيارة.

وتابع السائق المسير على الطريق الرملي نحو الأضواء التي بدت تكبر أكثير وتتضح من حولها معالم بعض الأبنية.. ومع اقتراب السيارة أكثر تجلت بوابة أخرى قطعت الطريق كانت آخر نقطة للسيارة ما الحرس القائم على الباب.

على بوابة مدخل المنتجع..

  استقبل أحد العمال – عرفت بعد ذلك أن اسمه الطيب- الموكب بحفاوة وفرحة وقدم له جميع المعلومات المهمة –بعد أن تأكد من وجود ورقة تسديد الدخول بالسيارة، والتي اقتطع نصفها وأعاد للسائق نصفها الآخر- من ضمن المعلومات أن المنتجع فيه الخيم والأعرشة وأنهم يستأخرونها بمبالغ متفاوتة 24 ساعة، ويمنع أن تبنى فيه غير خيمة مستجلبة.

كانت الفرحة تغمر جميع  أفراد الموكب وهو يجتاز بوابة الدخول إلى المنتجع وهم يتبعون الدليل الذي رافقهم من البوابة حتى سلمهم لعامل من عمال يلبسون أقمصة عليها إشارات تميزهم مثل التي تميز عمال النظافة وأشغال الشوارع... ثم تسلم قيادة الموكب عامل كان لبقا  طيبا  في تعامله - عكس أحد العمال على باب الدخول والذي حاول الاحتكاك بافراد الموكب وإثارتهم بعبارات نابية تلفظ بها- الذي عرفت بعد ذلك أن اسمه الناجي- إلى عريش منصوب على شاطئ البحر الذي اختلط لونه بالظلام المطبق،يتخلله صوت الموج الهادئ دلف الموكب إلى داخل العريش الذي كان دافئا مريحا يشع فيه ضوء مصباح يعمل بالطاقة الشمسية..غادر العامل بعد أن تسلم أجرة العريش بأدب.

رغم جو الشاطئ العليل ونسمات البرد الهادئة التي تبعث النشوة والحرارة وتدفع على المشي..أخذ الموكب مكانه من العريش الذي كان مريحا  للإضجاع حيث كان مؤثثا بقطع حشايا مرتبة على حصير نظيف.

الفرحة على الشاطئ...

كان الجو من حول الموكب يضج بالحركة والفرحة .. والنسيم يحمل أصوات  الزوار من حولهم ،صراخ الفتيان والفتيات يلعبون على الرمل، تحت أنوار مصابيح الطاقة الشمسية المبثوثة على طول المنتجع.. والمتجمهرين على نيران مشتعلة يغنون ويصفقون، ويتبادلون الأحاديث الساخرة..وآخرون فضلوا الرياضة بلعب الكرة على بصيص النور الخافت تداعبهم ألسنة الموج التي تضرب بين حين وآخر على الرمل.

سعادة تغمر المتروحين في المنتجع تعكس جمال الطبيعة من حولهم..العمال القائمين على الخدمة في المنتجع  يتحركون بسرعة الفراشة في الروض المزهر لتلبية طلبات الزوار،يرشدون،ينظفون،يقدمون كل ما يطلب منهم.. أحس الموكب وهو يعيش غمرة هذه الأجواء، بمدى اهتمام القائمون على المنتجع بالأمن وسلامة الزوار من خلال الدوريات التي يقوم بها رئيس العمال – الناجي- الذي يخلف بين الأعرشة والخيم.. ويتفقد حالة المتروحين الذين يفترشون الأرض على الشاطئ.

الليل على شاطئ"البهماس"..

بعد الاستراحة في العريش خرج أفراد الموكب يستطلعون .. البعض ذهب يتمشى يشده جو البحر الهادئ، وجماله الآخذ..يختلف بين جماعات من الشباب ومتوسطي العمر من مختلف الأجناس،منهمكين كل في هوايته التي اختار أن يقضي فيها وقته ويحس في بالمتعة فيها. كان من بين المتنزهين من اختار الرقص على مسيقى أجنبية صاخبة، ومنهم من اختار مسيقى محلية هادئة هدوء البحر من حولهم.. ومنهم من اختار التحلق والتغني بالأهازيج والرقصات الفكلورية..

بينما كشف بعض الموكب عن جناح الألعاب.. واختار التمتع بركوب المراجيح، والتزلق والرياضة على ماكينات رياضية في غبطة وسرور.

بين هرج ومرج المتروحين المسحورين بليل الشاطئ الجميل وحبور المشهد.. خطفتني قدماي إلى الشاطئ لعلي أجد في التمشي بعض الراحة والتمتع بمنظر البحر الذي بدى تحت القمر لوحة رائعة الجمال.. تشد للنظر والتأمل في بريق أضواء  النجوم التي طفت على السطح.. والى المدى البعيد حيث تسافر المخيلة في المجهول وحركة الموج المنساب من بعيد ليقذف بالشطآن على الشاطئ بلطف وحنان، وكأنه يخاف أن يوقظ الزواحف والحشرات المختبئة في الجحور.

جلست مسحورة بالروعة التي يبحر فيها الجميع..على مقربة من مصب الموج  بالقرب من شاب يجلس إلى جوار فتاة يتناجيان ..أو يبثان البحر أوجاعهما.. كان انزواءهما يوحي أن بينهما أسرارا عميقة لا يريدان أن يطلع عليها غير البحر.

الصباح على شاطئ "البهماس"...

كان لصباح الأحد على شاطئ "البهماس"جمال آخر يختلف عن جمال الليل.... فقد غادر المنتجع مع الفجر الكثير من زوار الليل، ولم يبق غير موكبنا، وعدد قليل سحره المشهد الجديد.

فقد بدى الشاطئ تحت خيوط الشمس الذهبية آسرا، قاد الجميع إلى النزول إلى البحر من نومهم يتمتعون بروعة مشهد الشمس تفرج عن أشعة تسترسل كسلاسل تلف المكان، وتقبل صفحة البحر الهادئ في صمت يقطعه خرير موج لطيف.. وتظهر أشياء كانت مختفية في ظلام الليل ..زوارق هائمة على وجهها بعيدا فوق سطح الماء تتحرك ببطئ.

أنغام مسيقى هادئة تنبعث من إدارة المنتجع تتسلل لتنعش الأعصاب النائمة، وتوقظ الشعور تمتزج بأصوات عمال النظافة يختلفون على الشاطئ يلتقطون فضلات الطعام، والقمامة من على الأرض ويحملونها في براميل على عربات تجرها حمير، ينظفون المساكن.. حركة تؤذن بيوم جديد..

وما إن تقدم النهار حتى غص الشاطئ بالإبل  عليها الرواحل، والخيل المسرجة يقودها مروضون..وقاد جمال المشهد الزوار الجدد الذين تقاطروا إلى طلب ركوب الخيل والجمال مما عكس على المشهد جمالا استهوى الجميع .. بينما اختار البعض الرماية .

الوداع  العسير..

ودع الموكب شاطئ "الباهماس "ووشائج تشده للإقامة أكثر..نسمات البحر الهادئة، والمنظر الطبيعي الساحر..وما يقدمه المنتجع من خدمات الضيافة الكريمة..

مريم.أحمد.أخيار