الحوادث- عشرات من الشباب والمراهقين،تظلهم السماء، بشمسها الحارقة،يتصبب العرق من جباههم،يستبقون الزمن من أجل أن إنهاء عمل، ليبدؤا في آخر..ينتمون إلى الطبقة الفقيرة..فغالبيتهم يعول أبا، وأو أما.. فرضت عليه الحياة وقساوتها ترك حجرات الدرس، والبحث عن عمل ليساعد في تكاليف متطلبات العيش، في ظل الفقر المدقع التي تعاني منه أسرته.
المكان رصيف الشارع قرب العمود الثالث بعرفات حيث ورشة طلاء السيارات التي يقف أمام عشرات السيارات للمعالجة قبل أن تدخل في القاعة الخاصة للطلاء التي يشرف عليها رجل مسن يعرف بين الجميع ب"عبد الله".. شبان ومراهقون منشغلين في العمل .. مابية يفرك البقع ويساوي النتوءات في السيارات تمهيدا لصباغتها..والبعض يعالج الأعطاب.. وبين هؤلاء يتجول عبد الله يدفعهم للإسراع بالعمل.
"دمب" مراهق في السابعة عشرة من العمر ينحدر من إحدى القرى الموريتانية المحاذية النهر، جاء من قريته مع والدته التي كانت مريضة قبل أن تذهب إلى لا رجعة بسبب المرض الذي كانت تعاني منه.. وتكلف خاله بتربيته.. لكنه كان يتقى الدروس في القرءان على معلم كان يرسله ليستجدي له في الشوارع، باسم طالب علم"علمود",, وفتح دمب عيناه على فيئة من الصبيان يختلفون عن الذين صاحبهم في القرية.ز وأسس مع بعضهم مجموعة، كان يذهب برفقتها.. أخذ عنها الكثير من الأخلاق المنحرفة.. تعلم شرب الدخان، ثم الاستجداء بالتتلمذ لدراسة القرءان وطلب العلم.
وبعد فترة من حياة الشوارع، والتطوع في الخدمة على الملتقيات في غسيل واجهات السيارات، بادر الخال إلى وضعه في ورشة لتعليم صباغة السيارات، تحت اراف احد أصدقائه، وحاول "دمب" أن يتميز في العمل.وصار أحد مساعديه الذي لاغنى عنهم في العمل.
اليوم يعمل "دمب" في ورشة للصباغة،مع مجموعة من المساعدين لعبد الله..ورغم مشقة العمل، وما يتعرض له أصحاب المهنة من تعب،ومشقة يتطلبها عملهم الذي يفرض على الواحد منهم قضاء النهار تحت الشمس، وتقلبات المناخ حيث الرياح، والحرارة، البرد تارة.يجد دمب متعة وسعادة وهو يمارس عمله، وتلاحظ ذلك جليا فيه وهو يتمايل على جميع الجهات، وتارة يرفع صوته بجملة أو اثنتين من أغنية ضمن كوكتيل من الأغاني في هاتفه الذي تفارق سماعته أذناه.