حديث في الرقابة القضائية

اثنين, 09/27/2021 - 13:11

بسم الله الرحمن الرحيم

حديث في الرقابة القضائية ( المقال مكتملا)

يمكن تعريف الرقابة القضائية بأنّها مؤسسة قانونية انطلاقا منها يمكن إخضاع المتهم المتابع بسبب شبهة ارتكابه لجريمة معاقبة بالحبس أو بعقوبة أشدّ لإجراء أو أكثر من إجراءات محدّدة قانونا تحدّ من حريّته لأسباب على علاقة بمتطلبات التحقيق أو الحفاظ على الأمن (- Raymond Guillien - Jean Vincent et d’autresLexique des termesjuridiquesDalloz 13 édition 2001 p 158) وسنتناول الرقابة القضائية عبر مطلبين نتناول في أوّلهما مبرّرات الإخضاع للرقابة القضائية ....ولمن له الوضع فيها وكيف يتمّ ولكم من الزمن ثمّ نخصص المطلب الثاني للحديث عن طريقة تبليغ الأمر .... واستئنافه وتعديله ووظائف الهيئات والأشخاص المشرفة على تنفيذ الرقابة القضائية

المطلب الأول: أسباب الوضع في الرقابة القضائية ومن له الوضع رهنها ومدّتها وماهية الإجراءات التي يمكن الإخضاع لها بسببها

اـ مبرّرات الإخضاع للرقابة القضائية:يستشف من  المادة: 138 من ق إ ج أن الحبس على ذمة التحقيق إجراء استثنائيولا يلجأ إليه قاضي التحقيق إلا في حالة ما لم يكن الوضع تحت الرقابة القضائية مناسبا وهذا ما يؤكده المستفاد من الفقرة الأولى من المادة: 123 من ذات القانونفالأصل انطلاقا من منطوق ومفهوم صدر المادتين: 123 و 138 من ق إ ج  هو إخضاع المتهم للرقابة القضائية الذي له هدف وحيد هو ضامن حضور المتهم وذلك ما لم تكن تتطلب إيداعه أمور من قبيل:

ـ مصلحة التحقيق مثل الخشية من هرب المتهم أو إخفاء الأدلة

ـ المحافظة على الأمن

ـ المحافظة على النظام العام

ـ الخوف من ارتكاب جرائم جديدة

وتسبيب الأمر القاضي بالوضع رهن الرقابة القضائية بشكل واضح بمصلحة التحقيق أو المحافظة على الأمن من الأمور اللازمة حسب قرار صادر عن الغرفة الجزائية بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ: 08/ 08/ 1995 في النقض رقم: 95-82 .561( Légifrace ) أمّا تسبيبه في موريتانيا فيجب أن يكون بضمان حضور المتهم انطلاقا من صدر المادة: 123 من ق إ ج

ب ـكيف يتمّ الوضع في الرقابة القضائية ولكم من الزمنومن له الوضع فيها:

ـ السلطات التي لها الوضع في الرقابة القضائية:يتم الوضع في الرقابة القضائية عادة من طرف قاضي التحقيق تطبيقا للفقرة الأولى من المادة: 123 من ق إ ج أو غرفة الاتهام تطبيقا للمادة: 202 من ذات القانون

ـ كيفية الوضع في الرقابة القضائية: يتضح من النصوص المتعلقة بالموضوع خاصة الفقرة الأخيرة من المادة: 123 من ق إ ج والنقطة الرابعة من الفقرة الأولى من المادة: 186 من ذات القانون أنّ الوضع في الرقابة القضائية يكون بأمر أو قرار وفي كلّ الأحوال ومهما كان الحال يجب أن يكون الأمر أو القرار القاضي بها مسببا على النحو الذي تمّ التعرض له أعلاه وليس من اللازم في بعض التشريعات تلقي رأي النيابة قبل اتخاذه وفي موريتانيا انطلاقا من مضمون النصوص وما جرى به عمل بعض قضاة التحقيق يحتمل أنّه يجب التمييز بين حالات منها:

ـ كون المتهم محالا في الحال من طرف النيابة العامة مع طلب فتح تحقيق معه واتهامه بتهمة تستوجب الحبس أو عقوبة أشد ومطالبتها أعني النيابة بإيداعه ففي هذه الحالة يمكن أن يصدر قاضي التحقيق أمرا بوضع المتهم رهن الرقابة القضائية دون استطلاع رأي النيابة العامة لكن يتم تبليغ الأمر لها تطبيقا للفقرة قبل الأخيرة من المادة: 183 من ق إ ج التي جاء فيها: ( يخطر وكيل الجمهورية بكلّ أمر مخالف لطلباته في اليوم نفسه الذي صدر فيه )وما يقوم به بعض قضاة التحقيق الآن في هذا المجال هو إصدار أمر بالامتناع عن الإيداع ووضع المتهم في الرقابة القضائية بمعنى إصدار أمر بالامتناع عن الإيداع يُضَمّنه الوضع في الرقابة القضائية

ـ كون المتهم كان مودعا في السجن من طرف قاضي التحقيق ولم ينته التحقيق معه بعد فهذا يحتمل أنّ من الواجب على قاضي التحقي إشعار النيابة العامة  بعزمه وضعه في الرقابة القضائية قبل وضعه له فيها تطبيقا لعموم المادة: 140 من ق إ ج التي جاء فيها: ( ليس لقاضي التحقيق أن يأمر بالإفراج المؤقت للمتهم إلا بعد أن يحيل الملف مسبقا إلى وكيل الجمهورية الذي يجب أن يقدم طلباته في الثماني والأربعين 48 ساعة التالية لتسلمه الملف ) خاصة إذا كان المتهم تمّ إيداعه أصلا تلبية لطلب النيابة العامة وذلك باعتبار أنّ الوضع في الرقابة القضائية يتضمن إفراجا مؤقتا عن المتهم بمعنى من المعاني هذا مع الإشارة إلى أنّ الفقرة الأخيرة من المادة: 185 من ق إ ج تنص على أنّه: ( يوقف أمد استئناف واستئناف وكيل الجمهورية الأمر إذا كان مخالفا لطلباته ) وأنّ الفقرة قبل الأخيرة من المادة: 183 من ذات القانون جاء فيها: ( يخطر وكيل الجمهورية بكلّ أمر مخالف لطلباته في اليوم نفسه الذي صدر فيه ) كما سبقت الإشارة إلى ذلك أعلاه وأنّ النيابة العامة هي التي تقوم بتنفيذ قرارات القضاء الجالس في المادة الجزائية وبالتالي فإذا كانت تعارض وضع مودع في السجن رهن الرقابة القضائية يمكن ألا تنفذ الأمر وتتقدم باستئنافه وفي هذه الحالة سيبقى المعني موقوفا حتى تبتّ غرفة الاتهام في هذا الاستئناف وما يقوم به بعض قضاة التحقيق في هذه الحالة في الوقت الحاضر هو إصدار أمر بالإفراج يتضمن وضع المتهم في الرقابة القضائية وبالتالي فإنّه يكون من الواجب عليهم إبلاغ الملف للنيابة العامة قبل الوضع في الرقابة القضائية نظرا لأنّهم يجعلون وضع المتهم في الرقابة القضائية بجزء من القرار القاضي بالإفراج المؤقت

ـ مدّة الرقابة القضائية: تطبيقا للفقرة الأولى من المادة: 123 من ق إ ج تكون فترة الوضع في الرقابة القضائية شهرين وهذه الفترة قابلة للتجديد خمس مرّات ويجب أن يكون تجديدها بأمرأو قرار مسبّب صادر عن قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام

ج ـبعض الإجراءات التي يمكن أن تتضمن الرقابة القضائية الخضوع لها:

تتضمن الرقابة القضائية الخضوع لإجراء أو أكثر من الإجراءات الواردة في المادة: 124 من ق إ ج يختاره قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام بحرية تامة من بين الإجراءات المنصوص على إمكانية الإخضاع لها سواء كان المتهم بالغا أو قاصرا تطبيقا للفقرة الأولى من المادة المشار إليها آنفا وللمفهوم من عموم المادة: 139 من المدونة العامة لحماية الطفل وذلك انطلاقا من تصوره لتناسب الإجراءاتأو تناسبها مع شخصية المتهم ومتطلبات وظروف القضية والضحايا ويحتمل أن يكون من أهمّ هذه الإجراءات:

1ـ المنع من مغادرة مكان معين: يمكن أن تتضن الرقابة القضائية أمر المتهم بعدم مغادرة الحدود الترابية التي يحدّد قاضي التحقيق ويمكن أن يصل الأمر هنا إلى منع المتهم من مغادرة منزله إلا وفق الشروط وللأسباب التي يحدد قاضي التحقيق ويكون عليه إخبار قاضي التحقيق بأيّ تنقل خارج الحدود المعينة من طرفه وذلك تطبيقا للبندين: 1 و 2 من المادة: 124 من ق إ ج آنفة الذكر

2ـ المنع من زيارة بعض الأماكن: للسلطة التي تضع المتهم رهن الرقابة القضائية أمره بعدم التردد على بعض الأماكن التي تحددها وذلك تطبيقا للبند رقم: 3 من ذات المادة

3ـ المنع من اللقاء: لقاضي التحقيق أمر المتهم بالامتناع عن لقاء شخص معين أو أشخاص يحددهم تطبيقا للبند: 11 من المادة: 124 من ق إ ج ويحتمل أن يكون من الواجب إشعار الشخص المعني بذلك وكثيرا ما يكون مبرر اتخاذ هذا النوع من الإجراءات المحافظة على الشخص المطلوب عدم الاتصال بهأو منع لقاء المتهم بشركائه في الجريمة للحيلولة دون التنسيق فيما بينهم Pierre Chambon / Christian Guérydroit et pratique de l’instructionpréparatoireDalloz Action 16 édition p .411....

4 ـ التقدم بصفة دورية أمام المصالح والسلطات التي يحدد قاضي التحقيق أو القاضي الذي ينيب: يمكن أن تتضمن إجراءات الرقابة القضائية اشتراط تقدم المتهم بصفة دورية أمام جهة معينة في محلّ سكنه حسب المفهوم من مقتضيات البند رقم: 5 من المادة: 124 والمادة: 125 من ق إ ج

5ـ الاستجابة للاستدعاءات:تطبيقا للبند رقم: 6 من المادة: 124 من ق إ ج يمكن أن تشمل إجراءات الرقابة القضائية الالزام بتلبية الاستدعاءات الموجهة للخاضع للمراقبة من أيّة سلطة أو أيّ شخص مؤهل معين من طرف قاضي التحقيق

6ـ المنع من سياقة السيارات:يمكن أن تتضمن إجراءات الرقابة القضائيةتطبيقا للبند رقم: 10 من المادة: 124 من ق إ ج المنع من سياقة السيارات أو بعضها أو تسليم رخصة السياقة لكتابة ضبط ديوان التحقيق مقابل وصل ويمكن أن يأذن قاضي التحقيق للمتهم بالسياقة في إطار أنشطته المهنية

7ـ المنع من ممارسة نشاط معين أو المواظبة عليه: تطبيقا للبندين رقم: 7 و 14 من المادة: 124 من ق إ ج يمكن أن يتضمن الخضوع لتدابير الرقابة القضائية المنع من ممارسة نشاط مهني معين أو المثابرة على ممارسة عمل أو نشاط معين مثل الدراسة بالنسبة للتلميذ مثلا أو الطالب ومنع النشاط المهني لا يمكن أن يمسبالمهام الانتخابية العمومية أو النقابية هذا مع الإشارة إلى أنّ المنع من ممارسة مهنة المحاماة يحال طلبه إلى مجلس هيئة المحامين عبر المدعي العام لدى محكمة الاستئناف ويكون قرار الهيئة قابلا للطعن بالطريقة التي ينص عليها القانون المنظم لمهنة المحاماة وإذا لم تبتّ الهيئة خلال شهرين من تاريخ الإحالة كان لقاضي التحقيق إصدار الأمر بالمنع ويشار إلى أنّه يفهم من المادة: 46 من القانون الجديد المنظم لمهنة المحاماة أن مجلس الهيئة ليس له أن يأذن في التعليق إلا إذا تعلق الأمر بجناية معاقبة بالسجن وخارج تلك الحالة يحتمل أنّ المحامي لا يمكن أن يمنع من ممارسة مهنته مهما كانت الجنحة المتابع بها ممّا يعني أنّ المقتضى الوارد في البند رقم: 14 تمّ تعديله بمقتضيات المادة: 46 آنفة الذكر ويشار إلى أنّه في فرنسا لا يجوز لقاضي التحقيق هذا المنع فيما يبدو من القرار الصادر بتاريخ: (Crim 15 Mai 2002  ) في النقض رقم: 02-81 .116 الخاص بأحد قرارات غرفة التحقيق ( Légifrace ) وتضيف المادة: 128 من ق إ ج أنّ الرقابة القضائية لا يجوز أن تؤدي تدابيرها إلى المساس بحرية الرأي أو المعتقد الديني أو السياسي أو بحقوق الدفاع والنشاط الممنوع يجب أن يكون على علاقة بالجريمة بحيث يكون وقعت أثناء ممارسة النشاط المهني أو بمناسبته ويجب أن يكون هذا المنع محلّ تسبيب خاص في القرار القاضي بالوضع في الرقابة القضائية

8 ـ تسليم الوثائق: تطبيقا للبند رقم: 9 من المادة: 124 من ق إ ج يمكن أن تشمل إجراءات الرقابة القضائية الأمر بتسليموثائق محدّدة مثل جواز السفر لجهة معينة ويمكن أن تكون هذه الجهة كتابة ضبط المحكمة أو الجهة المشرفة على تنفيذ الرقابة القضائية مثل فرق الدرك أو المفوضيات

9ـ عدم إصدار الشيكات: تطبيقا للبند رقم: 15 من المادة: 124 من ق إ ج يمكن أن تشمل إجراءات الرقابة القضائية المنع من إصدار الشيكات وفي هذه المجال تنص المادة: 135 من ذات القانون على أنّ السلطة مصدرة القرار تشعر البنك أو من يسير الحساب مهما كان والبنك المركزي بهذا المنع

10ـ المنع من حيازة الأسلحة: ينص البند رقم: 16 من المادة: 124 من ق إ ج على أنّ إجراءات الرقابة القضائية يمكن أن تشمل المنع من حيازة الأسلحة وتسليمها للمصالح الأمنية المختصة مقابل وصل حدّدت المادة: 131 من ق إ ج مضامينه

11ـ تقديم ضمانات شخصية أو عينية: يمكن أن تلزم السلطة مصدرة القرار المتهم بتقديم كفالة أو ضمانات شخصية أو عينية تحددها ويبدو أنّ الكفالة يمكن أن تخصص لتعويض الأضرار التي يمكن أن تكون لحقت بالضحية  المحتملة حسب البند: 17 من المادة: 124 من ق إ ج كما يمكن أن يكون الهدف منها ضمان حضور المتهم حسب المستفاد من البند: 13 من ذات المادة ويجب أن تأخذ بعين الاعتبار مدى الضرر الذي يحتمل أنّه لحق بالضحية كما يجب أن يراعي جانبها المتعلق بضمان حضور المتهم الوضع المادي له وذلك تطبيقا للبند السابق وللقواعد العامة للقانون بل إنّ الغرفة الجزائية بمحكمة النقض الفرنسية ذهبت إلى أنّ قرار غرفة الاتهام المتعلق بها يكون حقيقا بالنقض عندما يحددها دون التعرض لمصادر دخل المتهم والأعباء العائلية له ( القرار الصادر بتاريخ:Crim 04 Novembre 2008  ) المتعلق بالنقض رقم: 08-85 .724

والكفالة مهما كان هدفها يتمّ وضعها حسب نصّ المادة: 136 من ق إ ج في صندوق المحكمة التي يوجد بها قاضي التحقيق مقابل وصل وفي حالة انعدام هذا الصندوق تودع في صندوق الودائع والأمانات بها

12ـ الخضوع لعلاج معين: يمكن أن يكون من بين إجراءات الرقابة القضائية الإلزام بالخضوع لعلاج معين وهذا الموضوع أكثر تناسبا مع المتهمين باستعمال المخدرات والمواد الكحولية حسب المفهوم من البند: 13 من المادة: 124 من ق إ ج هذا مع الإشارة إلى أنّ المادة: 132 من ق إ ج نصت على إمكانية اختيار المتهم للطبيب المختص أو الهيئة التي تتولى علاجه

المطلب الثاني: طريقة تبليغ الأمر ... واستئنافه ... وتعديله ووظائف الهيئات والأشخاص المشرفة على تنفيذ الرقابة القضائية

اـ الطريقة التي يتم بها إبلاغ الأمر القاضي بالإخضاع للرقابة القضائية: يفهم من الفقرة الثانية من المادة: 123 من ق إ ج أنّه عندما يرى قاضي التحقيق أنّ شروط الحبس الاحتياطي غير متوفرة في المتهم المحال إليه مباشرة أو أنّها لم تعد متوفرة بالنسبة للمتهم الذي سبق أن أودعه فإنّه يمكن أن يصدر أمرا مسبّبا بوضعه رهن الرقابة القضائية من تلقاء ذاته أو نزولا عند طلب الأطراف أو أحدهم بما في ذلك النيابة العامة ويبلغ الأمر للمتهم عن طرق:

ـ إخباره به مباشرة شفهيا إن كان حاضرا ويشار إلى هذا التبليغ في الملف

ـ إخباره به عن طريق تبليغه له أو إلى موطنه المختار خلال 48 ساعة من صدوره

كلّ ذلك تطبيقا لعموم المادتين: 123 من ق إ ج التي توجب تبليغ الأمر لممثل النيابة العامة خلال 24 ساعة من صدوره تطبيقا للفقرة الثانية منها والمادة: 183 من ذات القانون وإذا ما اعتبارنا أنّ المادتين: 183 و 186 منطبقتان يكون من المحتمل أنّ التبليغ هنا من الأمور المنصوص على أنّها تحت طائلة الإجراءات التأديبية بالنسبة لقاضي التحقيق وتحت طائلة الإجراءات التأديبية والغرامة بالنسبة لكاتب الضبط الذي يعمل في ديوان التحقيق حسب المفهوم من عموم الفقرة الأخيرة من المادة: 183 من ق إ ج ...

ب ـ  مدة البتّ فيالطلبات المتعلقة بالرقابة القضائية وأجل استئنافها وتاريخ البتّ فيه: يجوز للأطراف مثل المتهم و محاميه أو هما معا والنيابة العامة طلب إلغاء أو تعديل الأمر القاضي بالوضع في الرقابة القضائية أو استبدالها بكفالة أو ضامن إحضار أو بهما أو إلغاء بعض تدابيرها أو نقل مكان تنفيذها من جهة لآخر .... واستئناف الأمر القاضي بها و ذلك تطبيقا للقواعد العامة للقانون وللفقرتين الرابعة والخامسة من المادة: 123 من ق إ ج ... ويمكنالتفريق في هذا الإطار بين أجل البتّ في الطلب المقدم لقاضي التحقيق وأجل الاستئناف وأجل البتّ فيه من طرف غرفة الاتهام وذلك على النحو التالي:

1ـ أجل البتّ في الطلب: يمكن للمتهم أو محاميه أن يطلبامن قاضي التحقيق رفع الرقابة القضائية أو استبدالها بكفالة أو ضامن إحضار ... كما يجوز ذلك للنيابة العامة .... حسب المشار إليه أعلاه ويبدو أنّ المشرع الموريتاني لم يحدد بشكل جلي وقاطع فترة معينة يجب على قاضي التحقيق أن يبتّ فيها في مثل هذه الطلبات خلافا للمشرع الفرنسي الذي نصّ في الفقرة الثانية من المادة: 140 من مدونة الإجراءات الجنائية الفرنسية على أنّ قاضي التحقيق يبتّ في هذا النوع من الطلبات خلال 5 أيّام من تقديمها ونصّ في الفقرة الثالثة من ذات المادة على أنّه إذا لم يبتّ خلال ذلك الأجل يمكن تعهيد غرفة التحقيق مباشرة بالطلب Gilbert Azibert code de procédurepénalLexisnexis- Litecédition 2011 p. 164 ويشار إلى أنّ الغرفة الجزائية بمحكمة النقض الفرنسية ذهبت في قرار صادر عنها بتاريخ: 28 مارس 1991 إلى أنّ الأثر المترتب على عدم بتّ قاضي التحقيق في الأجل المحدد هو التعهيد المباشر لغرفة التحقيق وبالتالي فإذا لم يقم المحاميبتعهيد غرفة التحقيق بسرعة بحيث صدر قرار قاضي التحقيق متأخرا عن الأجل لكن قبل تعهيد الغرفة لا يكون له سوى استئناف القرار إذا كان مخالفا لطلباتهماGilbert Azibertibid. p. 165 ونظرا لأنّ النصوص القانونية يجب تفسيرها صوب ما يخدم تكريس مبادئ المحاكمة العادلة من الراجح عندي وجوب بتّ قاضي التحقيق في هذا النوع من الطلبات خلال أجل لا يصل خمسة أيام وتدعمهذا المذهب عدّة أمور منها:

● ضرورة العمل بمبدإ البتّ في فترة معقولة  المنصوص عليه بمواثيق دولية وإقليمية مصادق عليها من طرف موريتانيا مثل البند (ج) من الفقرة الثالثة من المادة: 14 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والفقرة الثالثة من المادة: 9 منه والبند (د) من المادة: 7 من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والبند رقم: 5 من المادة: 14 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان هذا بالإضافة إلى نصّ المادة: 15 من ق إ م ت إ عليه ويشار إلى أنّما لا يتعارض مع المبادئ العامة للقانون الجنائي من قانون الإجراءات المدنية يعتبر مصدرا احتياط للإجراءات الجنائية

● أنّ المشرع يمنح عادة لمحاكم الدرجة الثانية آجالا أطول للبتّ في الأمور التي تعرض عليها نظرا لقلة عددها عادة على المستوى الوطني ونظرا لأنّه منح لهذه المحاكم ( غرفة الاتهام ) 5 أيام للبتّ في استئناف الأوامر المتعلقة بالوضع رهن الرقابة القضائية لذا يكون من الواجب على قاضي التحقيق أن يبت في هذا النوع من الطلبات خلال أجل أقلّ من 5 أيام أو لا يتجاوزها على الأكثر

وإذا كان ذلك كذلك يمكن اعتبار المقتضيات الواردة في الفقرة الثالثة من المادة: 143 من ق إ ج منطبقة وباعتبارها كذلك تكونمواجهة عدم البتّ باتباع إجراءات تتمثل في تقديم طلب لغرفة الاتهام ويحتمل أنّها في هذه الحالة ستسبلغ الملف بطريقة شبيهة بتلك المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من المادة: 170 من ق إ ج المتعلقة بالبطلان

2ـ أجل الاستئناف: تنص الفقرة الثانية من المادة: 123 من ق إ ج على أنّ أجل استئناف الأوامر المتعلقة بالوضع في الرقابة القضائية هو اليوم الموالي للتبليغ وتنص الفقرة الثالثة من ذات المادةعلى أنّ استئناف الأمر بالوضع رهن الرقابة القضائية يتم بذات الطريقة التي يتم بها استئناف أوامر قاضي التحقيق أي بتصريح أمام كتابة ضبط ديوان التحقيق المعني تطبيقا للفقرة الرابعة من المادة: 186 من ق إ ج أو عن طريق رسالة أو برقية يسجل كاتب الضبط تاريخ وصولها في سجل الاستئنافات ويكون تاريخ الاستئناف هو تاريخ إيداع الرسالة البريد الأصلي حسب نصّ ذات المادة ويشار إلى أنّ الفقرة الثامنة من المادة: 186 من ق إ ج نصّت على وجوب تلقي كاتب الضبط للاستئناف بغض النظر عن وجهة نظره فيه ومساءلته عن رفض تلقيه له بالطريقة المنصوص عليها بالفقرة الأخيرة من المادة: 183 من ق إ ج المشار إليها أعلاه هذا بالإضافة إلى أنّها أعني المادة: 186 منحت المستأنف الحقّ في تقديم طلب استئنافه لكتابة ضبط غرفة الاتهام مباشرة عند امتناع كاتب ضبط التحقيق عن تلقيه

3ـ أجل البت في الاستئناف: تطبيقا للفقرة الثالثة من المادة: 123 من ق إ ج يجب على غرفة الاتهام أن تبتّ في الاستئناف المتعلق بهذا النوع من الأوامر خلال 5 أيام من تاريخ إحالة الملف إليها من طرف المدعي العام وتنص المادة: 195 من ذات القانون على أنّ المدعي العام يجب عليه إحالة الملف خلال 48 ساعة من وصوله إليه في حالة الحبس على ذمّة التحقيق وفي ظرف ثمانية أيام في الحالات الأخرى ويشار إلى أنّ الفقرة الأولى من المادة: 188 من ق إ ج جاء فيها أنّه: ( كلّما قدّم الاستئناف في أمر من أوامر قاضي التحقيق يحال الملف بدون مهلة إلى وكيل الجمهورية الذي يحيله إلى المدعي العام لدى محكمة الاستئناف مرفقا برأي مسبّب ) لكن من دواع الأسف هنا أنّ القانون لم يحدّد بشكل دقيق الأجل الذي يجب فيه على كتابة ضبط التحقيق إحالة الملف للنيابة العامة كما لم يحدّد لوكيل الجمهورية مدة يجب عليه فيها إحالة الملف إلى المدعي العام لدى محكمة الاستئناف أحرى جعل التراخي في إرسال الملفاتفي هذه الحالة تحت طائلة المتابعات التأديبية ويشار أنّ من الملاحظ كثرة الحديث عن عدم توخي السرعة اللازمة في هذا المجال

ج ـ تعديل تدابير الرقابة القضائية: تنص الفقرة الرابعة من المادة: 123 من ق إ ج على أن لقاضي التحقيق من تلقاء ذاته أو استجابة لطلب الأطراف أو أحدهم تعديل تدابير الرقابة القضائية بإضافة تدبير أو إلغائه أو حتى نقل تنفيذ تدابير الرقابة القضائية من جهة إلى جهة أخرى وذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة في الموضوع ما لم تكن هي التي طالبت بذلك وفي التشريع المقارن تنصّ بعض القوانين على أنّ لقاضي التحقيق إعفاء المتهم منها أو من  بعض إجراءاتها مؤقتا .... كما هو الحال في الفقرة الثانية من المادة: 139 من مدونة الإجراءات الفرنسية Gilbert Azibertop. cit. p. 163 ويشار إلى عمل بعض قضاة التحقيق في البلد بهذا المقتضى لأسباب إنسانية مثل فقد المتهم لأحد أفراد أسرته ولا أدري هل الإعفاء هنا يقع بقرار مكتوب أو شفهي أم أنّه يحدث بشكل ضمني فقط ويشار إلى أنّما جاز لقاضي التحقيق في هذا المجال يجوز لغرفة الاتهام

د ـ وظائف الجهات المكلفة بمراقبة تنفيذ الرقابة القضائية:تنص المادة: 125 من ق إ ج على أنّ قاضي التحقيق أو القاضي الذي ينتدبه لهذا الغرض بمحلّ سكن المتهم يقوم بتعيين شخص طبيعي أو معنوي مؤهل للمشاركة في الاشراف على تنفيذ إجراءات الوضع رهن الرقابة القضائية كما يمكن أن يكون المعين إحدى مصالح الشرطة أو الدرك أو أيّ مصلحة قضائية أو إدارية مختصة وتضيفالمادة: 134 من ذات القانون أنّ قاضي التحقيق يشعر مفوض الشرطة أو قائد فرقة الدرك بمحلّ إقامة المتهم بأيّ تدبير من تدابير الرقابة القضائية يعهد إليه بتنفيذه وبالتغيير الذي يجرى عليه وتطبيقا للمادة: 126 من ق إ ج يمكن أن يكون من أهمّ وظائف الأشخاص أو السلطات التي تشرف على تنفيذ إجراءات الرقابة القضائية كلّ الأمور التي تتعلق بمراقبة التزام المتهم بإجراءات الرقابة القضائية لذلك فوظائف هذه الجهات تتمثل أساسا في أمور منها:

* طلب تقديم إفادات: للسلطة التي تشرف على تنفيذ الرقابة القضائية طلب تقديم المتهم لإفادات تتعلق بعمله أو بدراسته وذلك تطبيقا للمادة: 130 من ق إ ج إذا تضمنت إجراءات الرقابة القضائية ما يلزم بذلك أو أنّ قام بتسديد ما يلزمه دفعه بسبب إلزامه بتحمل أعباء عائلية إذا أخضع للبند رقم: 18 من المادة: 124 من ق إ ج

* إجراء البحوث:للسلطة المكلفة بالإشراف على تنفيذ إجراءات الرقابة القضائية القيام بالبحوث التي تستهدف التأكد من أنّ المتهم تقيد بالإجراءات وذلك ضمن الحدود التي يعين قاضي التحقيق لذلك فإنّهم يقومون بتسجيل تواريخ حضوره لها حسب نصّ المادة: 129 من ذات القانون كما يشمل ذلك رقابة الخضوع للفحوص والعلاجات التي يجب أن يجريها المتهم الخاضع للتدبير رقم: 12 من المادة: 124 من ق إ ج

* تزويدالجهة التي وضعت المتهم في الرقابة بالمعلومات المتعلقة بتنفيذ المتهم لإجراءات الرقابة القضائية:عند نهاية مدّة الخضوع للرقابة يعد المشرف على تنفيذها تقريرا يتضمن:

اـ مختلف الأمور التي قام بها في إطار قيامه بالإشراف عليها الرقابة القضائية

ب ـ ملاحظاته المتعلقة بسلوك المتهم

وقبل ذلك وفي حالة عدم انضباط المتهم وتجسيده لذلك بعدم التقيد بتنفيذ الإجراء أوالإجراءات المفروضة عليه بموجب الرقابة القضائية أو حتى بعضها تقوم الجهة المشرفة برفع تقرير بالموضوع إلى الجهة التي أخضعت المتهم للرقابة القضائية لتقوم بما تراه مناسبا

وعندما يؤدي الإشراف على الخضوع للرقابة القضائية لإنفاق مبالغ نقدية فإنّها تؤدى باعتبارها مصاريف جنائية تطبيقا للمادة: 127 من ق إ ج ....

د ـ أثر إخلال المتهم بتدابير الرقابة القضائية: تنص الفقرة قبل الأخيرة من المادة: 123 من ق إ ج على أنّ المتهم الذي لم يمتثل لإجراءات الرقابة القضائية يمكن أن يصدر قاضي التحقيق ضدّه أمرا بالقبض أو بالإيداع وذلك بعد أخذ رأي النيابة العامة حتى ولو كانت العقوبة الحبسية المعاقبة بها الجريمة المتهم بارتكابها تافهة بل حتى ولو كان المتهم سبق أن قضى الفترة المحدّدة قانونا للحبس على ذمة التحقيق في الفقرة الثانية من المادة: 138 من ق إ ج وما بعدها والفقرة الأولى من المادة: 141 من ذات القانون حسب المعمول به في فرنسا (Pierre Chambon / Christian Guéry op . cit. 425  )لكن هذه المدة لا يمكن أن تتجاوز فترة الحبس على ذمّة التحقي المناسب للجريمة انطلاقا من المادتين المشار إليهما أعلاه في الإيداع الثاني للمتهم كما يستمر حقّه في طلب الإفراج المؤقت تطبيقا للفقرة الأولى من المادة: 144 من ق إ ج

ممّا سبق يتضح أنّ الرقابة القضائية مؤسسة قانونية خطيرة ومهمة فهي خطيرة لأنّها تتضمن مساسا شديدا بحرية المتهم لكنّها مهمة لأنّها عن طريقها يمكن العمل على ضمان حضور المتهم جميع إجراءات القضية والحيلولة دون فراره من وجه العدالة والمحافظة على أمور من قبيل أمن الآخرين والسير الحسن للتحقيق دون إيداع المتهم السجن لذلك تطمح هذه الأسطر إلى لفت انتهباه الباحثين إلى ضرورة دراستها بشكل يسمح للمهنيين بإدراك مختلف أبعادها والنواقص التي تشوب المواد القانونية التي تناولتها لكي تتمّ تكملتها في المستقبل عبر التعديلات التي يحتمل أن يشهدها قانون الإجراءات الجنائية

القاضي محمد ينج محمد محمود فال