هذه جماعة إسلامية معروفة منذ بدايات الثمانينات في افريقيا وأتحدث عن مالي تحديدا بحكم انتمائي لها ولكن هي بشكل عام تعمل على نفس السياق والنمط وبها نفس الأهداف ..
وهناك فرق بينها وبينما اصطلح عليه بالجماعة السلفية ، حيث تجدها ، هذه الأخيرة، بأنها من الجماعات المنحرفة ويحاريونها بلا هوادة لأنها تعتبرها غير سنية وهي اقرب الى الصوفية أكثر من السنة بالإضافة أنهم لا يتعلمون وإنما يتعلم دعاتها في خروجهم وقد تكون لديهم مدارس ومعاهد خاصة للفكر التبليغي لكن لا اعتبار لديهم عند السلفية العلمية على الاطلاق رغم أن معظم من أصبح سلفيا مر بالتبليغ قبلا .. وقد نعود إليه ….
والحقيقة أن جماعة التبليغ كانت لها تأثير في القارة وما زالت أيضا لدى قطاع كبير من المسلمين بسبب ما يقومون به من جهود في دعوة الناس إلى الدين الحنيف ..أناس بسطاء ، كرماء ، حديث حلو ، يحترمون الصغار والكبار ، ويدعون إلى الخير… فمن الطبيعي أني يقع قلوبهم في الناس..
وقد رأيت عالما تبليغا مشهورا يجلس مع أبسط الناس وربما لم يكن يعرفه ولا يبالي بمكانته ولا بعلمه بينما باقي الجماعات لا تجد عندهم هذا التواضع صراحة ..
وتتميز الجماعة بشيئين وربما ثلاثة الخصها:
أولا: دعوة غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام ولهم أساليبهم الاقناعية في ذلك وقد نجحوا في ذلك كثيرا ..
ثانيا: دعوة المسلمين بالالتزام بتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة السنن الظاهرة كاللحية وقصر الثوب والسواك والأكل بثلاثة أصابع وجلسة النبي صلى الله عليه وسلم كما يزعمون ولبس الجلباب على النمط الهندي والباكستاني وهكذا .. ولبس العمامة بطريقة معينة يزعمون أنها كانت عمامته صلى الله عليه وسلم هكذا .. الخ ..
ثالثا: الخروج في سبيل الله وهو وسيلتهم لتربية الفرد المسلم ويبدأ ب 3 أيام إلى 40 يوم ف 8 أشهر .. بل رأيت أحدث قضى عدة سنوات وترك أهله وراءه دون عودة زاعما أنه مهاجر والله يتولى أهله ..
المهم لست هنا للتعريف بأبجديات الجماعة ولكن من أجل محاولة مني لطرح قراءة عن الأسباب التي أدت إلى خروج اكبر إرهابيين في مالي من رحم هذه الجماعة .. وهما إياد أغالي وأحمد كوفا .. الاول زعيم لانصار الدين سابقا والثاني زعيم لجبهة تحرير ماسينا وقد انضوت هذه الجماعات مع بعضها لتصبح نصرة الإسلام والمسلمين الآن .
وهنا، أؤكد أن الجماعة في فلسفتها ليست عنيفة ولا يدعو للمواجهة الفكرية العالمية كالاخوان المسلمين وانما هي لا تدخل السياسة ولا تتكلم عن الساسة … وليس في أجندتها فكرة نصرة الظالم على المظلوم .. لا بل هي تعتبر أن الحديث عن مآسي المسلمين في العالم إنما تزيد في الجرح والتحسر ..
فلماذا خرج هؤلاء إذا من الجماعة الأصلية وأصبحا الآن زعيمين للارهاب في مالي ..؟
سؤال ينبغي طرحه وخاصة ممن ينتمون لهذه الجماعة ومن المشايخ الذين يرتادون مراكزهم ومساجدهم واجتماعياتهم وهم لا يطرحونها اصلا للنقاش فيما بينهم وإن تم فبحدود ضيقة ..
بيد أني أراها مسألة جوهرية حاليا في مالي ولا أتهم الجماعة لكني هنا أحاول أن أفهم ما الذي حدث حتى إننا وجدنا أنفسنا في هذا المأزق وأدخلنا جميعا الوطن في مشاكل ، الله أعلم متى ستنتهي .
لا أدري هل سبق لكم أن خطر ببالكم لماذا هؤلاء ولماذا كلاهما من جماعة التبليغ .. هل هنا خلل وهل هناك فعلا بذور أو بوادر قد تؤدي في النهاية للفكر المتطرف العنيف .. ؟
هذا الحديث لم ينتهي لكن …
ما رايكم ؟؟!
حمدي جوارا - باريس
باريس