اكتشف علماء بقايا ثقافة العصر الحجري القديم، على بعد أقل من 100 ميل (160 كيلومترا) غرب بكين، حيث استخدم أشباه البشر القدماء صبغة حمراء وصنعوا أدوات صغيرة تشبه الشفرات من الحجر.
ويقدم الموقع الأثري، المسمى Xiamabei، لمحة نادرة عن حياة Homo sapiens والأقارب البشريين المنقرضين الآن الذين سكنوا المنطقة منذ حوالي 40000 عام.
ويقع الموقع الذي تم التنقيب عنه حديثا داخل حوض Nihewan، وهو منخفض في منطقة جبلية بشمال الصين. ووجد فريق التنقيب دليلا على وجود مزرعة على بعد حوالي 8 أقدام (2.5 متر) تحت الأرض، عندما اكتشفوا طبقة من الرواسب الطينية الداكنة التي يعود تاريخها إلى ما بين 41000 و39000 عام مضت، بناء على التأريخ بالكربون المشع وتحليلات أخرى. واحتوت هذه الرواسب من العصر الحجري على كنز دفين من المشغولات اليدوية وبقايا الحيوانات، بما في ذلك أكثر من 430 عظمة من الثدييات.
وقال المعد الأول المشارك شيشيا يانغ، الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم ومعهد ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري: "يبدو أن البقايا كانت في أماكنها الأصلية بعد أن هجر السكان الموقع. بناء على ذلك، يمكننا الكشف عن صورة حية لكيفية حياة الناس قبل 40 ألف عام في شرق آسيا".
وقال المعد الكبير المشارك فرانشيسكو ديريكو، مدير أبحاث CNRS في جامعة بوردو وأستاذ في جامعة بيرغن: الجدير بالذكر أن هذه هي أقدم ورشة عمل مغرة معروفة لشرق آسيا"، وتوحي مجموعة الأدوات الحجرية الصغيرة أن صانعيها على الأرجح أنتجوا واستخدموا مجموعات أدوات متخصصة.
وتشتمل الأدلة على معالجة المغرة في Xiamabei على قطعتين من المغرة بتركيبات معدنية مختلفة قليلا، بالإضافة إلى لوح من الحجر الجيري ممدود مع مناطق ملساء ملطخة بصبغة قرمزية. ووجد الفريق هذه القطع الأثرية على مقربة من بعضها البعض، موضوعة فوق منطقة من الرواسب الحمراء.
وأفاد الباحثون أن القطعة الأولى من المغرة التي عُثر عليها في الموقع تحمل علامات "تآكلت مرارا وتكرارا لإنتاج مسحوق مغرة أحمر داكن ساطع"؛ أما القطعة الثانية الأصغر حجما من المغرة فكان لها نسيج أكثر تفتتا، بالمقارنة، ومن المحتمل أنها نشأت من قطعة مغرة أكبر سحقت.
وأظهر تحليل آخر أن الرواسب الحمراء الموجودة بالقرب من المغرة تحتوي على شظايا صخرية غنية بالهيماتيت، وهو معدن يحتوي على الحديد المؤكسد ويعطي المغرة الحمراء لونه المميز.
وبناء على الأدلة المتاحة، لم يتمكنوا من تحديد كيفية استخدام الصباغ بالضبط. ويمكن استخدام المغرة في المواد اللاصقة، على سبيل المثال، أو في "التطبيقات الرمزية" مثل طلاء فن الصخور أو الطلاء الذي يتم وضعه على الجسم كزخرفة تجميلية وكواق من أشعة الشمس.
وكشف علماء الآثار عن أدلة على معالجة المغرة في إفريقيا وأوروبا، بدرجة أقل، يعود تاريخها إلى حوالي 300000 عام، وهناك دليل على استخدام المغرة في أستراليا منذ حوالي 50000 عام.
واستنادا إلى أنماط التآكل والمخلفات العالقة على الأحجار المشقوقة الموجودة في الموقع، قرر الفريق أن هذه القطع الأثرية كانت تستخدم على الأرجح لأغراض متعددة، بما في ذلك حفر المواد وكشط الجلد وتقطير المواد النباتية وقطع المواد الحيوانية الرخوة. وبالمثل، كان من المحتمل أن تستخدم الأحجار الصخرية غير العمودية لعدة أغراض، مثل حفر المواد الصلبة وقطع المواد اللينة.
وقال يانغ إن الشفرات الحجرية الصغيرة المعروفة باسم microblades، أو bladelets، أصبحت مستخدمة على نطاق واسع في شمال شرق آسيا بحلول نهاية عصر البليستوسين (منذ 2.6 مليون إلى 11700 سنة). وعلى وجه التحديد، بدأت التكنولوجيا في الانتشار في جميع أنحاء المنطقة منذ حوالي 29000 عام.
المصدر: لايف ساينس