ملاحظات أولية في الخطاب السياسي وفلسفة الحكم وأسلوب القيادة
لدى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني
لقد قيل قديما في مأثور الشعرالعربي إنه "على قدر أهل العزمتأتي العزائم"،وإن همم بعض الرجال تقهر المستحيل، وما من تجربة بشرية ناجحة على مر التاريخ إلا كان وراءها قادة عظام، حازوا الرؤية المستنيرة،والهمة العالية، والإرادة الصادقة، وقرأوا التاريخبتدبر، وفهموا الحاضر بوعي وحكمة،واستشرفوا المستقبل ببصيرة وتفاؤل، فعقدوا العزم ليعبروا ببلدانهم إلى بر الأمان، متحدين الصعاب ومتجاوزين العقبات، ليحققوا لأوطانهم نهضة شاملة، وتحولا في المعايش والمرافق والعقليات.
ولعل المتابع المنصف لفلسفة الحكم، وطبيعة الخطاب السياسي، ومستوى الأداء القيادي لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، رغم شح الموارد وضغط الجوائح، وإكراهات السياقين المحلي والاقليمي، وارتدادات الأزمة الاقتصادية العالمية، يدرك أن سفينة الإصلاح قد تحركت، ولا مجال لخرقهافربانها قوي أمين؛ وأن عهدا جديدا بدأ يلوح في الأفق المنظور عناوينه البارزة ضمان إجماع قويعلى توطيد الوحدة الوطنية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وصيانة الهوية الثقافية، وترسيخ الممارسة الديمقراطية، وتعزيز السلم الأهلي، وتطبيع المشهد السياسي، وكسب الرهانات التنموية الكفيلة بوضع موريتانيا في المكانة اللائقة بها في المحافل الدولية؛ وهي المرتكزات الكبرى لمشروعه المجتمعي "تعهداتي". ذلك المشروع الذي حظي بمباركة غالبية الشعب الموريتاني، ونال استحسان أطراف عديدة من المعارضة الوطنية مما يتطلب من النخب السياسية والفكرية، والمربين وقادة الرأي،وفعاليات المجتمع المدني، والقيادات الشبابية والنسائية، وكل الفاعلين الوطنيين مواكبته، وشرح مضامينه وتثمينها مناصرة لهذا المسار، وخدمة للمصالح الوطنية العليا، وتعزيزا لمؤسسات الدولة وهيبتها، وتكريسا لثقافة المواطنة المثالية، ومساهمة مسؤولة في مشروع العبور الهادئ بالبلاد إلى بر الأمان.
وما من شك أن مضامين الفكر السياسي لرئيس الجمهورية بدءا بخطاب العهد يومالتنصيب، مرورا بخطب الاستقلال، والمناسبات الدينية، ومدائن التراث، وصولا إلى خطاب الشامي أمام الشغيلة المعدنية، و منتدى الشباب،هي، في جوهرها، انعكاس لوعيه العميق بواقع بلاده، ومتطلبات نهوضها، في ظرفية دولية بالغة التعقيد، فكانت رؤاه وأفكاره، التي تضمنتها هذه الخطب، تجمع بين الطموح المشروع، والواقعية العملية، والشجاعة في مواجهة أمراض المجتمع، ومكامن الخلل في تراثه من جهة، والحكمة والتبصر في معالجتها من جهة أخرى، ويحسب له أسلوبه الهادئ، ونفسه الطويل في معالجة الأزمات، وقدرته الفائقة على الاقناع، واحترامه لمعارضيه، وخلقه الرفيع، وصرامته في مواجهة الفساد، وعنايته الخاصة بالمستضعفين والمهمشين، وقناعته الراسخة بقيمة العدل ومركزيته في الحكم، وإيمانه العميق بمكانة العلم في نهضة الأمم، وتصميمه القاطع على وضع مقاربات وطنية شاملة تستجمع عوامل الوصل بين مكونات الطيف الاجتماعي والسياسي وتؤسس عليها، وتؤشر نوازع الفصل وتضع التصورات المستنيرة للتعامل معها سبيلا إلى إنصاف الجميع، وتأمين متطلبات العيش الكريم لكل المواطنين، في إطار دولة الحق والقانون.
والواقع أن فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بعقله الراجح، وفهمه العميق لمكامن الخلل في المنظومة الاجتماعية، ومحددات العقلية البائدة، ولطبيعة العلاقة المعقدة بين مقتضيات المواطنة ومتطلباتها من جهة، وإكراهات تأثير مراكز النفوذ التقليدي من سماسرة القبيلة، وأباطرة المال السياسي، وتجار العرق، ودعاة الجهوية، قد سعى من أول يوم تحمل فيه أمانة الأمة إلى تشخيص عميق لواقعالبلاد ومكامن الخلل في موروثها وعاداتها، من خلال تحليل حصيف، وتشخيص دقيق، لمواطن الوجع في المنظومة الاجتماعية، مما مكنه من وضع الوصفات الناجعة لتدارك البناء الوطني المتصدع قبل أن ينهار، بما يحقق للبلاد الأمن والتنمية ويجنبها الهزات العميقة وصدمات التحول المفاجئ.
لقد أدرك رئيس الجمهورية، لأول وهلة كما هو واضح من خطابه السياسي ومشروعه المجتمعي، أن بلادنا عاشت قرونا عديدة تتقاسمها الولاءات القبلية ولم تعرف الحكم المركزي إلا في ظل الاحتلال الأجنبي، مما ترك انطباعا، تحول مع الوقت إلى قناعة، لدى الكثيرين، أن الدولة الوطنية كيان غريب وأن المصلحة العامة، والحق، والواجب، والانقياد لقوانين الجمهورية ونظمها هي في مجملها مفردات غريبة على القاموس المجتمعي، ومن هنا لم يعد الإيمان بهذه الحتميات التاريخية واردا لدى أغلبية السكان ممن يرون ذواتهم خارج الدولة، في برزخ بين سطوة العرف وسلطة القانون، فلا يؤدون الواجب الوطني، ولا يتمثلون قيم المواطنة إلا بدافع الطمع، أو تحتكابح الخوف.
ومما كرس هذا الواقع المؤسف هشاشة البنيات الحزبية، ومحدودية تأثيرها في الساحة، وارتهان أغلب قادتها بالهم القبلي أو الجهوي أو العرقي، وارتباط أغلبها بالأشخاص لدرجة أن الحزب يعرف بصاحبه، وليس العكس، والطابع الموسمي لنشاطها، والظعن الدائم للنخب السياسية والفكرية التي تنتجع بين اليسار واليمين، وبين الموالاة والمعارضة في سلوك مربك يعكس ترددا، بل وأزمة في الولاء، تصل حد الانتهازية في بعض الحالات.
كما أن بعض المثقفين والساسة لا يتورعون عن تسخير إمكاناتهم العلمية، ومهاراتهم التعبوية للتشيع لمجتمع ماقبل الدولة، فتراهمحاشرين في المدائن وأحياء البدو، ومجيشين للقبائل لدعم هذا الخيار أو ذاك دون أن يراعوا، بالضرورة، مدى انسجام ذلك مع مقتضياتالمصلحة الوطنية، ومنهم من يشهر سيف القبيلة للاستفادة من مغانم الدولة، أو استغلال شفاعتها للحصول على منصب غير مستحق، أو للخلاص من عقوبة عادلة.
ويعي فخامته أن فشل الإصلاحات التعليمية التي أخفقت، إلى حد الآن، في بلورة مشروع وطني للتربية والتكوين يحدد الغايات والأهداف المرجوة ويأخذ في الاعتبار هوية الأمة ومشتركاتها الثقافية والحضارية، هو ما أدى في نهاية المطاف إلى غياب رؤية واضحة حول ملامح المواطن الذي يفترض تكوينه، والذي تنعقد عليه الآمال في الاحتماء للدولة والانصياع لقوانينها ونظمها. مما يستدعي بالضرورة تفكيرا جديا في إصلاح وترشيد المنظومة التربوية التي هي قاطرة التنمية وصمام أمان الشعوب على نحو ما جرى في الأيام التشاورية الأخيرة.
ومن المعوقات التنموية التي طالها التشخيص، ونالت حظا كبيرا من اهتمام فخامة رئيس الجمهورية، السياسة العمرانية وتسيير المجال الحضري، ذلك أن التقسيم الإداري لموريتانيا، الموروث عن الاستعمار والمبني على الرؤى والهواجس الأمنية في أغلبه، لم يأخذ في الاعتبار متطلبات التنمية ومقتضيات التحضر. وشكلت ظاهرة التقري الفوضوي، إثر سنوات المحل في سبعينيات القرن العشرين، هي الأخرى، إحدى تجليات طغيان المزاج القبلي المتحكم في عقول الناس وقلوبهم، فمثلت هي الأخرى، مظهرا من مظاهر عجز الدولة، لعقود متتالية، عن توجيه الإرادة القبلية، وكبحها عن سلوك لا يستجيب لأدنى ضوابط العمران الحديث، ويضاعف كلفة المشاريع التنمويةالخدمية، وينعكس، سلبا على الخريطة المدرسية.
وفضلا عن ما سبق، يشكل خطاب رئيس الجمهورية حربا معلنة على بقية الأمراض الاجتماعية الأخرى، والمسلكيات الضارة التي يمارسها الأفراد، على اختلاف مواقعهم كالتشيع للعشيرة على حساب الدولة، والتشبث بوهم التفاوت الفئوي على أساس العرق أو اللون أو المهنة في نزعة جاهلية متأخرة، والاتكالية التي كرستها الثقافة الاجتماعية كتطبيق خاطئ لآليات التكافل الاجتماعي، والترفع عن العمل الذي ينافي تعاليم الشرع الحنيف وضرورات البناء الوطني، وهدر الوقت واحتقار المهنوالحرف، هذا فضلا عن التبذير الذي أصبح معيارا للتميز وقيمة عليا في ظل طغيان القيم المادية، وكذا الرشوة، والمحسوبية، وسوء استغلال المنصب، والتحايل على المال العام، والعبث بالمرافق العمومية.
لقد جاهر فخامة رئيس الجمهورية، في أكثر من مناسبة، بإدانة هذه التقاليد البائدة والمسلكيات المتخلفة، ونادى بوجوب محاربتها والقضاء عليها، واستنهض الهمم، واستحث العزائم، وألزم أجهزة الدولة والقطاعات الخدمية والإنتاجية، وكل الفاعلين الوطنيين بالعمل الجاد على صون كرامة المواطن وتحسين ظروف معيشته، وخلق فرص التشغيل، وتوفير الحد الممكن من العدالة الاجتماعية، والعمل على نفاذ أهل الكفاءة إلى الوظائف العامة بدل أهل الولاء، وتطبيق مبدأ العقوبة والمكافئة، وتفعيل آليات المراقبة، وبث الوعي في صفوف المواطنين، وتحفيز الروح الوطنية بالتسامي على النزعات القبلية والعرقية والجهوية، وترسيخ قيم المواطنة المثالية التي تقتضي الاعتزاز بالوطن، والاستعداد الدائم للتضحية من أجله، و الإخلاص في العمل، واحترام رموز الدولة، ونشر ثقافة الوحدة والوئام المدني، والانسجام الاجتماعي، وتمجيد العمل والكسب بعرق الجبين.
ولعلنا لا نذيع سرا حين نؤكد أن التحولات الكبرى في تاريخ المجتمعات، ولاسيما ما يتعلق منها بالمنظومات الذهنية ودوائر العرف والعادات لا يمكن أن تؤتي ثمارها كاملة، أو تصل إلى مدياتها في زمن يقاس بالمأموريات، إلا أن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مصمم على كسب هذه الرهانات الاجتماعية والتنموية التي خطط لها بتبصر وبعد نظر، وسعى لها سعيها، وهو مؤمن.
ولقياس مؤشرات نجاح المشروع المجتمعيلرئيس الجمهورية، وبشائر العبور الآمن، بحول الله، يمكن أن نستعرض الأمثلة التالية:
أولا: على المستوى السياسي والمؤسسي
1. الانفتاح السياسي: حيث بادر فخامة رئيس الجمهورية، من أول يوم، إلى فتح قنوات الاتصال المباشر مع جميع الفاعلين السياسيين في الأغلبية والمعارضة، وقادة الرأي، والحقوقيين والإعلاميين وممثلي المجتمع المدني سبيلا إلى تحقيق إجماع وطني حول القضايا الكبرى، ولعل تجربة إشراك المعارضة في إدارة صندوق كورونا أصدق تعبير عن هذه القناعة، وهذه الإرادة الصادقة في تطبيع المشهد السياسي حيث يقول فخامتة: «لقد تم كل ذلك في مناخ سياسي هادئ ومسؤول، حرصنا على توفيره منذ اللحظات الأولي، بالانفتاح على أطياف مشهدنا السياسي والمجتمعي كافة، وعلى التداول معها حول كبريات القضايا الوطنية» مؤكدا أن " أن سنة الانفتاح والتداول المسؤول، بدأت تترسخ تدريجيا، في بلادنا، كنهج أساس للتعاطي مع الشأن العام».
2. تعزيز الإشعاع الثقافي والحضاري للبلاد:
حيث يستحضر فخامة الرئيس بفخر واعتزاز أن منظوماتنا المحظرية والصوفية من عصر البادية العالمة إلى اليوم، وطيلة عشرة قرون، تميزت بقدر كبير من الفرادة والتميز جعلت من بلادنا منارة علم ورباط فتح سلاحه الحكمة والموعظة الحسنة، وأقامت للإسلام ركنا متينا في هذه الربوع، وحافظت على هوية المجتمع وأنتجت ثقافة عالمة فريدة في هذه الديار، وعززت عوامل الوصل بين فئات الشعب وأعراقه، فكانت رباطا للعلم والفتوى،ومنطلقا للدعاة في عموم منطقة الساحل الإفريقي، وللمجاهدين الذين رووا بدمائهم الزكية مناكب البلاد المختلفة، وكانت ظهيرا أمينا وسندا قويا لمقاومة الاستعمار، مكرسة متلازمة الركاب والكتاب.
وعلى صخرة الحصانة الثقافية لمجتمعناكلت قرون الاحتلال حتى اعترف الاداريونالفرنسيون متحسرين "أنه لا يوجد مجتمع بدوي يبلغ مبلغ الموريتانيين في العلم بالعقيدة والأدب والفقه، (...)ولا تكاد تجد بينهم راعي إبل إلا ويترنم بالشعر الجاهلي ". لقد سيرت محاظرنا وحضراتنا الصوفية مواكب من العلماء الأجلاء تركوا في مشارق الأرض ومغاربها علما نافعا وصيتا ذائعا وذكرا حسنا حتى قال عنهم أحد كبار المفكرين العرب" لقد كانت صورة الشناقطة وما تزال في البلاد العربية أنهم الممثلون الأوفياء للثقافة العربية الاسلامية في نقائها وأصالتها، المدافعون عنها حفاظا عليها،ونشرا لها واشعاعا بها".
لقد كان لتلك الصورة المشرقة بالغ الأثر في وجدان فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ومثلت أحد أهم مرتكزات تفكيره، وأبرز موجهات خطابهالسياسي وفلسفته في الحكم، وما ذلك بمستغرب من قائد يقدر العلم والعلماء والمصلحين، ويستحضر بفخر دور سفراء المحظرة ومشائخ التصوف الذين ظلوا رسل سلام، ودعاة إلى الله في زوايا تواجه التطرف بالتصوف، والتعصب بالتسامح،وتسعى لبناء جسور السلام في عموم القارةالافريقية والعالم الاسلامي من حولها؛
إنه استحضار لماض مجيد، وإرث حضاري تليد، لشعب يخطو واثقا نحو مستقبل واعد، متسلحا بإرادة لا تلين، وبحكمة قائد مستنير وعشرة قرون من التواصل الحضاري والاجتماعي المؤثر والمستمر في عموم الساحل والصحراء، أيام كانت موريتانيا تتحكم في المبادلات التجارية، وفي مسارات جيوش الفتح، ورحلات الحج، وزوايا التصوف، وأحواش المحاظر، وفي القيادة أو التأثير الفاعل في الامبراطوريات الكبرى من غانا إلى السونغاي ومالي، ومن المرابطين والتكرور إلى الممالك والإمارات السودانية واللمتونية والمغفرية والطارقية، مما يعني أن موريتانيا، بما تملكه من مزايا الموقع وأوراق القوة الروحية الناعمة، والمادية الصلبة، كانت دائما، وستظل، طرفا فاعلا ومحوريا في المعادلات المحلية والإقليمية، وهي اليوم، بقيادة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، مصممة على أن تبقى رقما لا يمكن تجاهله في العالم، وفي منطقة الساحل والصحراء على وجه الخصوص، بما يضمن لها أمنها ومصالحها والتزاماتها الدولية، ويحقق السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.
3. التشبث بالقيم الديمقراطية: من خلال احترام المؤسسات الدستورية، وتكريس الحريات الفردية والجماعية، وتعزيز دعائم السلم الأهلي، وتطبيع المشهد السياسي، ونزع فتيل الأزمات؛ وتحصين الحقوق الفردية من خلال إصدار قانون الرموز الذي سيجعل الصحافة تمارس حقوقها بحرية، ويضمن، في ذات الوقت، للموظفين والمسؤولين المحافظة على كرامتهم وخصوصياتهم، مع التمسك بمتابعتهم ونقدهم في كل ما يتعلق بتسيير المرفق العام. وتوفير المساعدة القضائية من خلال آلية تضمن لكل مواطن متابعة ملفاته على مستوى القضاء وتوفير المستلزمات المالية والإسناد القانوني للدفاع عن حقوقه كاملة، طبقا للنصوص والتشريعات الوطنية؛
4. الحس الوطني والإيمان بمفهوم التراكمالايجابي في مجهود البناء الوطني من خلال تمجيد تضحيات المقاومة الوطنية عسكريا وثقافيا، والاعتزاز بدور رموز التأسيس وقادة الاستقلال، وكل الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد؛ حيث توجه فخامته في أكثر من مناسبة بالتحية إلى «كافة أبناء شعبنا الذين ساهموا، جيلا بعد آخر، في تحرير بلادنا وتأسيس الدولة الموريتانية الحديثة، والدفع بها على طريق التطور والنماء». وقال إن «الوفاء لتضحيات هؤلاء جميعا، يستلزم منا، دوام شحذ الهمم، وشد العزائم في سبيل بناء دولة مزدهرة، ذات تنمية شاملة مستديمة». وهكذا يتضح جليا أن فخامة رئيس الجمهورية قد خرج على المألوف السلبي في الخطاب السياسي التقليدي القائم على تجاهل جهود الأنظمة السابقة، ووهم القائد المؤسس وغيرها من مفردات قاموس الإلغاء والاقصاء والمزايدة، تماما مثل ما انتهج في تعاطيه مع أقطاب المعارضة التي لم ينكر عليها وطنيتها، ولم يقاطعها أو يسفه آراءها، مما أضفى مسحة أخلاقية على المشهد السياسي الوطني، وأشعر الجميعبالجدية والأمان.
5. تقوية الجبهة الداخلية: من خلال إشراك جميع مكونات الطيف السياسي، والنخب الفكرية، وقيادات المجتمع المدني في إبداء الرأي والمشورة في القضايا الوطنية. وهي مقاربة جديدة وناجعة في تسيير الشأن العام كان لها الأثر الإيجابي في مواجهة جائحة كوفيد 19 واحتواء تأثيراتها على الاقتصاد والمجتمع؛
6. إصلاح الإدارة: انطلاقا من قناعته الراسخة أنها هي أداة تصميم السياسات العموميةوتنفيذ المشاريع الإصلاحية، وعليها يقع واجب تسيير المرفق العمومي، مما يقتضي اعتماد الإخلاص والكفاءة والنزاهة والمهنية في مقدمة معايير اختيار مراتبها، وتوجيهها الوجهة الصحيحة في خدمة المواطن،واعتماد النجاعة والمردودية، وتطبيق مبدئالمساءلة، واعتماد العقوبة والمكافئة من خلال اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب،وتحيين الإطار المؤسسي، وتحديث البنى التحتية، وتحسين الظروف المعنوية والمادية للموظف العمومي.
7. محاربة الفساد والرشوة: من خلال إرساء حكامة رشيدة، تقوم على محاربة كل أشكال الفساد، باعتباره مقوضا لدعائم التنمية، بهدره موارد الدولة، وتعطيله المشاريع عن تحقيق أهدافها، وإخلاله بالعدالة التوزيعية للثروة، وهتكه قواعد دولة القانون، بما يضعف ثقة الأفراد فيها، ويصيب النسيج الاجتماعي في الصميم». وقد حدد فخامة رئيس الجمهورية ملامح رؤيته لما ينبغي أن تكون عليه هذه الحرب قائلا: «نحن لا نريد لمحاربة الفساد أن تكون مجرد شعار، أو أن تتحول، هي نفسها، إلى فساد، بالانتقائية، وتصفية الحسابات، والوقيعة في أعراض الناس دون قرينة أو دليل»، وإنما نريد لها أنتكون «عملا مؤسسيا فعالا، تصان به موارد الدولة، وينال به المفسدون جزاءهم طبقا للنصوص السارية المفعول». مؤكدا أنهسيعمل جاهدا على «تعزيز استقلالية السلطتين، القضائية والتشريعية، وتحديث مدونة الصفقات العمومية، وكذلك على تكثيف نشاط أجهزة الرقابة والتفتيش، بنشر فرقها في كل المؤسسات العمومية والقطاعات الوزارية». وأضاف: «سنرتب، فورا، على التقارير الصادرة عنها كل ما تقتضيه». إنها الصرامة المتبصرة والعدالة التي تطال الجميع دون استبقاء أو انتقائية؛
8. بناء جيش قوي ومحترف قادر على الدفاع عن حوزة الوطن وتأمين مواطنيه، وانتهاج أسلوب راق في القيادة يحترم التقاليد العسكرية، والمعايير المهنية في الترقيات وإسناد المهام القيادية، واعتماد مقاربة أمنية ناجعة تقوم على مرتكزات الردع والاقناع والمعالجة العلمية لأسباب التطرف ودواعي الغلو، مما جعلها مثالا يحتذى في المنطقة والعالم؛
9. تعزيز مكانة الدبلوماسية الموريتانية في المحافل الدولية لتكون أداة للتنمية والسلم في العالم، من خلال الحضور القوي والمؤثر في العالم، واستغلال المنابر الإعلامية لتثمين أجواء تطبيع المشهد السياسي، والإصلاحات الهيكلية، والتعريف بالإمكانيات الاقتصادية الكبيرة، وفرص الاستثمار الواعدة في البلاد، وتوظيف المكانة الثقافية والحضارية لموريتانيا في محاربة الارهاب وتعزيز ثقافة السلم، واستثمار ما تملكه البلاد من أوراق القوة في الدوائر الإفريقية والعربية والإسلامية وعلى مستوى العالم.
ثانيا: على المستوى الاقتصادي
10. معالجة الملف العقاري: من خلال التخطيط لتنظيم أيام تشاورية تهدف إلى حل مرضي لهذا الملف، يفضي في نهاية المطاف، إلى ولوج كل المواطنين إلى الملكية العقارية، لاسيما في المناطق الزراعية في أفق السعي الجاد إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب والخضروات خلال السنوات القليلة القادمة؛
11. المضي قدما في إصلاح القطاع الزراعيوتمويله عبر الصناديق، واستصلاح آلاف الهكتارات ومد قنوات الري، وتوسيع مجال زراعة الاعلاف، وإقامة شبكة كبيرة من السدود للتحكم في المياه وتحسين استغلالها، وتشجيع القطاع الخاص للإسهام في هذا المجهود الوطني الهام؛
12. الاهتمام الكبير بالثروة الحيوانية وتطويرها للمساهمة في الناتج الوطني، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الألبان ومشتقاتها، واللحوم والجلود، وتحسين السلالات لرفع الإنتاجية؛
13. ترقية الموارد المنجمية عبر تعزيز البنى التحتية الداعمة للقطاع، والرفع من مردوديته وانعكاساته الاقتصادية، وخلق فرص كبيرة للتشغيل، وتوسيع مجالات التنقيب التقليديخدمة للفئات الهشة، وفتح المجال أمام اسثمارات القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمارات الأجنبية بتوفير المناخ الملائم من انفتاح وشفافية وسلاسة في التعامل مع الصرامة في فرض احترام دفاتر الالتزامات دفاعا عن مصالح بلدنا وحرصا على استدامة موارده؛
14. إقرار استراتيجية وطنية في مجال الصيدتضمن الحد الأعلى من الاستفادة من هذه الثروة الوطنية، وتحافظ عليها، وتحدد معايير موضوعية لمنح رخص الصيد، والعمل على تشجيع الصناعات التحويلية لخلق قيمة مضافة وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحديث البنى التحتية الداعمة من مصانع ومخازن وموانئ؛
15. تهيئة الظروف الملائمة للاستفادة القصوى من موارد النفط والغاز ومشاريعها الواعدة، والحد من آثارها السلبية على المجتمع والبيئة من خلال تطبيق منظومة الحكم الرشيد والشفافية وتحسين جاذبية الاستثمار، ومضاعفة فرص التكوين في مجالات الخبرة المرتبطة بالقطاع، وتطوير البنى التحتية اللازمة لجعل البلاد محورا إقليميا لصناعات النفط والغاز؛
16. اعتماد المبادرة الخلاقة في الكسب والإنتاج، واستغلال القدرات الذاتية بأحسن تدبير وأفضل تسيير، والمحافظة على الوسط البيئي وتوفير الظروف الملائمة لتطوير قطاع السياحة وترقية مواردها، وتنويع مرافقها،واستثمار تنوع تضاريس البلاد وثراء موروثها التاريخي والثقافي لجلب أفواج السائحين، وتوفير البنى التحتية الداعمة لهذا القطاع، والمصادر البشرية الكفيلة بتنظيمه وتطويره؛
ثالثا: على المستوى الاجتماعي
17. محاربة التقاليد البائدة: من تفاوت طبقي ونظرة دونية لبعض فئات المجتمع بلا مسوغ شرعي أو منطقي، والاعتزاز باليد العاملة الوطنية وتمجيد العمل اليدوي والكسب بعرق الجبين، والإرادة الصادقة والجادة في"تطهير موروثنا الثقافي من رواسب ذلك الظلم الشنيع، والتخلص نهائيا من تلك الاحكام المسبقة والصور النمطية التي تناقض الحقيقة وتصادم قواعد الشرع والقانون وتضعف اللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية وتعيق تطور العقليات وفق ما تقتضيه مفاهيم الدولة والقانون والمواطنة"
ويجمع فخامة رئيس الجمهورية بين فضائل الصدق والشجاعة والانصاف حين يقول: "إن ما يحز في نفسي كثيرا ما تعرضت له هذه الفئات من مجتمعنا تاريخيا من ظلم ونظرة سلبية مع انها في القياس السليم ينبغي أن تكون على رأس الهرم الاجتماعي فهي في طليعة بناة الحضارة والعمران وهي عماد المدنية والابتكار والإنتاج".
ويحدد الضمانات الضرورية لحماية هذا المنجز الحضاري مشددا التأكيد: "أن الدولة ستظل حامية للوحدة الوطنية وحرية ومساواة جميع المواطنين بقوة القانون وأيا تكن التكلفة كما أنها لن ترتب حقا أو واجبا على أي انتماء إلا الانتماء الوطني"؛
18. احتواء التيارات المتطرفة: من خلال التعاطي الواعي والمسؤول مع أطروحاتها، وترشيد خطابها وتوجيهه الوجهة الصحيحة انسجاما مع المنهج الرباني في الحكمة والموعظة الحسنة وخدمة للمصالح الوطنية وتعزيزا للوحدة الوطنية والسلم الأهلي؛
19. الحرص على تحقيق العدالة الاجتماعية: من خلال العناية الخاصة بالفئات الهشة والمستويات الوظيفية ذات الدخل المحدود،وتمكينها من الولوج إلى الخدمات الأساسية،ومتطلبات العيش الكريم، بتحسين معاشات التقاعد، وتوسيع قاعدة التأمين الصحي، وضمان تموين السوق بالسلع الاستهلاكية؛ وخلال عامين واجه العالم فيهما أعظم تحد لمنظوماته الصحية والاقتصادية استطاع فخامة رئيس الجمهورية وحكومته «توفير حزام أمان اجتماعي، للطبقات الهشة» لتخفيف آثار جائحة كورونا، كما أن أكثر من مليون وثلاثمائة ألف شخص استفادوا من «الدعم الغذائي والنقدي المباشر»، وتم دمج مائة ألف أسرة في «نظام التحويلات النقدية المباشرة»؛ وتوزيع أكثر من ملياري أوقية في إطار عمليات برنامج «تكافل» المختلفة، ومنح تأمين صحي شامل لمائة ألف أسرة فقيرة، أي ما يقدر بستمائة وعشرين ألف شخص.
وفي السياق ذاته «تم إنجاز 145 شبكة مياه، وحفر 265 بئرا ارتوازيا، وتجهيز 195 بئرا بمعدات الطاقة الشمسية»، وهو ما كلف قرابة 11 مليار أوقية قديمة، واستفادت منه 447 قرية في مختلف ولايات الوطن. وتوسيع الشبكات في 100 بلدة، ومواصلة تشييد خطوط عالية الجهد لربط نواكشوط بنواذيبو ونواكشوط بازويرات، ونواكشوط بجمهورية السنغال الشقيقة، وإقامة شبكات جهد متوسط وجهد منخفض في المناطق الشرقية والجنوبية». مما انعكس إيجابا على الوضع المعيشي للسكان ولاسيما في مناطق الهشاشة وأحزمة الفقر حول المدن وفي المناطق النائية؛
20. حلحلة ملفات رواسب العبودية والارث الإنساني: من خلال سن التشريعات الضرورية ذات الصلة، والحرص على اعتماد التشاور والتفاعل الإيجابي لتذليل العقبات وتجاوز الصعوبات المتعلقة بها على قاعدة مراعاة المصالح العليا للوطن، والدفاع عن كرامة المواطنين؛
21. العناية الخاصة بالشباب والنساء وتوسيع دائرة الرعاية الاجتماعية والترفيه والإنعاش لتنمية القدرات البدنية والذهنية للشباب، وتشجيع الإبداع، والمستعرض لخطاب رئيس الجمهورية أمام الشباب، يدرك دون عناء، حجم الرهانات التي يعلقها عليه حين يقول:إن الشباب هو «المعول عليه بالدرجة الأولى» من أجل «بناء دولة مزدهرة، ذات تنمية شاملة مستديمة». وهو قلب أمتنا النابض وعماد حاضرها وعدة مستقبلها». ويضيف فخامته قائلا: «إن قناعتي لراسخة بأن النهوض ببلدنا، موقوف على نجاحنا في أن نوفر لكم تعليما ذا جودة عالية، وتكوينا مهنيا ناجعا، وأن نمكنكم من ولوج سوق العمل والمشاركة في صنع القرار على مختلف المستويات».مؤكدا أن الهدف من مشاركة الشباب في صنع القرار هو «الاستفادة القصوى من طاقاته الإبداعية، كفاعل أصيل، عليه معقد الأمل فيما نسعى إلى تحقيقه من تطور وتنمية وازدهار»؛
رابعا: على مستوى رأس المال البشري:
العناية الكبيرة بالتعليم: باعتباره الأساس في أي تنمية مستديمة، ذلك أن المصادر البشرية هي الثروة الحقيقية في عالم اليوم وهو ما أدركه فخامة رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابيوسعى جاهدا إلى تكثيف مستوى أداء السياسات التعليمية والصحية وفي مجال التشغيل، من خلال:
22. مدرسة جمهورية تضمن للنشئ الموريتاني فرصا متساوية لنمو طاقاته الخلاقة، في جو من السكينة تطبعه القيم النبيلة المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف وثقافتنا العربية الافريقية الأصيلة، مدرسة تجسد المساواة والتلاحم الاجتماعي وتوفر مخرجات ناجعةتجمع بين مقتضيات الأصالة ومتطلبات العصرنة، وحاجات سوق العمل وفي هذا السياق يتنزل إشراف فخامة رئيس الجمهورية شخصيا على افتتاح العامين الدراسيين الفارطين، وتعهده بزيادة مخصصات التعليم في الميزانية الوطنية إلى 20%، وزيادة كتلة أجور القطاع بحوالي 14 مليار أوقية قديمة، واكتتاب 6000 بين مدرسومقدم خدمة، ورفع علاوات البعد من 800 مليون أوقية قديمة سنة 2019 إلى 4 مليار أوقية قديمة سنة 2021، وإطلاق مسار للتشاور حول الإصلاح، وإنشاء نظام معلوماتي مندمج لتسيير قطاع التهذيب،وتنصيب ما يزيد على 700 لجنة تسيير،ومراجعة الخريطة المدرسية بعقلانية وانصاف وشفافية، وتخصيص مليار ونصف أوقية لدعم التعليم الحر، وإعادة هيكلته وإلزامه بالضوابط الوطنية تنظيما ومنهجا،ومضاعفة مخصصات التأطير عن قرب بما يزيد على 170 في المائة.
23. وعلى مستوى التعليم الثانوي والفنيتركزت الجهود خلال السنتين الماضيتين على توسيع الطاقة الاستيعابية بزيادة معتبرة في البنى التحتية، ومراجعة البرامج،وتكثيف المضامين، وإطلاق برامج لتكوين الطواقم التعليمية والتأطيرية، وتحفيز التميز، ومحاربة التسرب المدرسي لاسيما في صفوف البنات عن طريق إعادة العمل بنظام الأقسام الداخلية، وزيادة المنح، وتوفير النقل الملائم.
وقد تعززت هذه السياسة بالتركيز على التكوين الفني لتلبية حاجات الاقتصاد الوطني من اليد العاملة المؤهلة في مجالات الزراعة والصناعة والنفط والغاز ومهن التجارة والسياحة والبناء والأشغال والإعلام والخدمات، في إطار رؤية شاملة تراعي متطلبات النهوض الاقتصادي، وتتوزع عبر آلية مدروسة تراعي خصوصية كل منطقة وميزتها النوعية.
24. وعلى مستوى التعليم العالي والبحث العلمي تضاعفت عروض التكوين وتعددت مدارس الدكتوراه، والمعاهد المهنية العليا، وتنوعت المخرجات، وتحسنت الخدمات الجامعية، واتخذت التدابير الكفيلة بتحسين أداء المدرسين الباحثين، وتم تفعيل المؤسسات الداعمة للبحث والابتكار، وتشكيل المجلس الوطني للتعليم، وتجري مراجعة نظام التقاعد والمعاشات، وإنشاء صندوق لتمويل البحث العلمي، كما أعيد الاعتبار لمجلس جائزة شنقيط وتضاعفت موارده ليكون رافعة إضافية للبحث والإبداع.
25. السعي الجاد إلى توفير خدمة صحية جيدة وفي متناول الجميع من خلال إعطاء الأولوية للصحة القاعدية والوقائية، ومراقبة نوعية الخدمات الصحية، وسلامة الأدوية، وتوفيرها في المناطق الهشة والنائية، وتوسيع قاعدة التأمين الصحي في إطار نظام التكافل،وضبط تسيير الموارد البشرية في قطاع الصحة بمهنية وشفافية، والتكفل بالمصابين بالأمراض المزمنة وذوي الاحتياجات الخاصة، وتنظيم المجال الصحي الخصوصي عن طريق توحيد أسعار الخدمات المقدمة، ومراقبة جودتها، وتقنين شروط المزاوجة بين القطاعين العام والخاص.
26. بلورة استراتيجية وطنية طموحة للتشغيلتقوم على انصاف العمال وتحسين ظروف عملهم، وخلق آلاف فرص العمل في القطاعين العام والخاص، ولاسيما في القطاعات الاقتصادية الواعدة، واستحداث وكالة وطنية لتمويل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والعمل على تشغيل الشباب والنساء مع التركيز على الشرائح الاجتماعية المغبونة، واحتساب فرص التشغيل الموفرة للشباب والنساء معيارا أساسيا في منح التسهيلات الاستثمارية في القطاع الخاص.
وفي أكثر من مناسبة كانت الشغيلة الوطنية موضع تقدير وإشادة من طرف فخامة رئيس الجمهورية فهم" نموذج للتضحية والتضامن والوحدة، وهم أعطوا المثل الأحسن للمواطن الموريتاني، وخلقوا بإرادتهم وبسواعدهم قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، مثلت عامل توازن وعامل استقرار وعامل إعمار كان بلدنا بحاجة إليه. وهم من جسدوا على أرض الواقع قيما نبيلة، ونبذوا الكسل، ووحدوا الجهود لتتحقق الأهداف.
وقد عاهد فخامته الشباب وعموم الشغيلة الوطنية، ولاسيما المنقبين، بالمآزرة قائلا:" إنه في جميع الأحوال وفي جميع الظروف، سيكون إلى جانب المنقبين وداعما لهم، وأنهم سيلمسون تقديره لجهودهم ودعمه وتسهيله وتحسينه لظروف عملهم ليتمكنوا من تحقيق آمالهم ويسهموا في تنمية البلد ورفاه المجتمع."؛
27. رعاية المواهب والمهارات الشبابية، وترقية الفنون الجميلة، واستثمار الموروث الثقافي والفني في تعزيز اللحمة الوطنية، وتوطيد الهوية الجامعة في تنوعها وثرائها،واحتضان المسنين والمتقاعدين لربط الأجيال ببعضها البعض، والاستفادة من حيوية الشباب، وحكمة الشيوخ في بناء الإنسان المتوازن، وقطع الطريق أمام دعاة الإرهاب والتطرف والجريمة.
تلكم هي الملامح العامة لفلسفة الحكم وأسلوب القيادة وتدابير التحول الهادئ بالبلاد إلى بر الأمان في فكر وممارسة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وهي لعمري، المقدمات الضرورية لبناء مجتمع موريتاني عربي، إفريقي، مسلم، متعلم، منتج، محصن، متصالح مع ذاته، مرن في غير الثوابت العقدية والحضارية، متحرر من المفاهيم والعقليات المتخلفة وعقد النقص، معتز بدينه وقيمه الحضارية،متفاعل مع الثقافات الأخرى طبقا لرؤية واثقة ومستنيرة، مؤمن بالمثل الديمقراطية وبالحوار، رافض للتعصب والعنف والإرهاب؛ أمين على ماضيه المجيد، ومأمون على مستقبله الواعد بحول الله وقوته، وإرادة قيادته الحكيمة وتلاحم أبنائه المخلصين.
الأستاذ الدكتور
محمد المختار محمد الهادي
أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة انواكشوط
مدير الوثائق الوطنية