قدمت الكثير من القراءات والتعقيبات والتثمينات الفاعلة والمدفوعة بطمع، لخطابات رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني، ولو أني شخصيا كما كتبت مرات لدي قناعة خاصة بصدق نية الرئيس ومحاولاته الكثيرة في إحداث تغيير على درب تحقيق برنامجه الطموح، إلا أن القراءات التي تحاول استخفاف مقصد الرئيس جعلتني اكتب، لتوضيح رأي مهم، يجلي الفهم الصحيح لخطابات الرئيس، ولا يغفل حيثيات المرحلة والواقع الذي يعيشه البلد
بدأت خطابات الرئيس تأخذ نوعا خاصا من الإفصاح، منذ خطاب مهرجان "مدائن التراث" في وادان، حيث كُتب الخطاب بنفس تعيد مسيرة البلد إلى عقدة التفاوت الطبقي والمظالم الاجتماعية التي كانت الدولة قطعت أشواطا في القطيعة معها وسنت القوانين لذلك والتشريعات المقرة
خطاب وادان، أكد فيه رئيس الجمهورية سلامة مفهوم المواطنة الموريتانية من تلك العقد وتخطيه مرحلة الغبن، وبحسرة على ما حدث في الماضي كعزاء لنا كموريتانيين في ما عرفه تاريخنا من مظالم كما هو حال البشرية قاطبة، وانتهى الأمر
كان رئيس الجمهورية رغم، تعمد من يقدمون له الاستشارة الإيغال في إثارة تلك الأمور المستخفة، وغيرها، والرجعية في إطار الدولة الوطنية، يريد أن يتحرر المواطن الموريتاني نفسيا من كل العقد، ويتحلى الجميع بالحرية في التفكير وفي العمل صفا بمسؤولية ووحدة ووئام..
عبر الرئيس للحكومة وللأغلبية في أكثر من توجيه وبتعبير قولي وعملي، عن ملاحظاته البالغة على تقصيرهم في مواكبة برنامجه الطموح، ومحاولات توجيه الأمور لمآرب لا تخدم برنامج الرئيس ولا تعود بالنفع على الوطن من صراعات واصطياد للفوائد وتموقع لجماعات متصارعة مع ذاتها ومع غيرها!
دعا الرئيس في أكثر من مرة، إلى العمل والانشغال بالانجازات والتنمية وتعزيز الوئام الوطني، ومحاربة الفقر والغلاء والتدخل الحكومي المطلوب للحد من معاناة المواطنين وتوفير فرص العمل للحد من البطالة
وجه الرئيس القطاعات الحكومية والمشاريع الوطنية إلى العمل بجد للتحسين من الوضع عموما في جميع المجالات التنمية والتعليم والصحة
إلا أن الواقع، أبان عن تقصير كبير في القطاعات الحكومية وأداء أعوان الرئيس، حيث تراجع انجاز بعض ما أعلن عنه من مشاريع وفشلت المقاربات التي اشرف عليها البعض وقد وضعت في أيديهم أمانة تحقيقها..
ثم جاء خطاب الرئيس، أمام الجالية في اسبانيا، ليكون نهاية مفعول ما قيل للرئيس من معاونيه من رفاهية وتحقيق إقلاع اقتصادي في فترة وجيزة، اكتشف الرئيس، أننا بلد فقير مهدد بالمجاعة!
الرئيس، رقم صدق طموحه، يواجه صخرة صماء، هي الفساد السياسي، الا أن خلط الأمور يريد أن يتمحور تفكير الرئيس حول موضوع آخر، لذلك، يراد لنا إن نقتنع أن قناعة الرئيس إلى أن السبب في الإخفاق، هو الفساد البنيوي للإدارة!
هنا يكون لنا أن نقدم رأيا في الموضوع برمته،
مع صول الرئيس محمد الشيخ الغزواني، للحكم طفقت جماعات الفساد السياسي تتحلق من حوله، لذلك لم يجد متسع من الوقت منذ البداية ليكتشف الخلل الذي كان ينتظره، ليواصل البناء ويحقق التنمية الصاعدة المعبر عنها بصدق في برنامج "تعهداتي" الطموح
وما انقضى من مأمورية الرئيس، سرق من طرف المفسدين وساسة الإرجاف والتأزبم، وشغلت المأمورية بمواضيع لا تعني شيء لنماء موريتانيا وهدف الرئيس للقفز ببلده والإقلاع به
وعندما فهم الرئيس ضياع الوقت، في متاهات صنعت في مجابات مضللة، قدمت له استشارات مستغفلة، من آخرها، إلقاء اللوم على فساد الإدارة البنيوي!
الفساد، من حيث هو في الإدارة، في المال، في التعليم، في شتى الأمور، هو فساد ضار، وبناء الدولة لا يكون بالارتجال في أي شيء
إلا أن الفساد، قادم من الوسط السياسي ومنافذ الصعود والاستقطاب غير السليمة في الأهداف، وغير المنسجمة مع الطموح الصادق للرئيس والمصلحة العامة للبلد
الفساد السياسي، هو الصانع الأوحد للفساد الإداري والاقتصادي،
الفساد السياسي، المثير للزوابع والحسابات والصراعات، والمرتهن للأجندات الداخلية أو الخارجية الأخطر، هو سبب الأزمة الوطنية في المجالات عامة، الاجتماعية والاقتصادية والتنموية،
هو السبب في فساد التعليم النظامي وحتى المحظري، والفساد في القيم المجتمعية، وسماحة الدين حتى!
لذلك فواقع، المرحلة، من إخفاقات حكومية في شتى المجالات، وتصاعد الغلاء المعيشي بسبب ارتفاع الأسعار وانتشار البطالة وانعدام فرص الدخل لغالبية الشعب المسحوق، بسبب الفساد السياسي، والانتهازية التي قدمت مصلحة مآربها على مصلحة الرئيس والوطن والمواطن
واقع المرحلة، هو حالة من التأزم، تتطلب اقتلاع جماعات الفساد السياسي وإبعادها عن مفاصل الدولة، ولا يمكن إصلاح الإدارة ولا أي شيء دون تطهير الدولة من المفسدين بكل صنوفهم،
وإطلاق البرنامج التنموي بأيدي أمينة ووفق نظرة واقعية وواعية تحذر أول ما تحذر من أولئك المرجفين والمفسدين
هكذا؛ ينبغي فهم خطاب الرئيس، وعلى المفسدين كلهم الاستقالة أو الإقالة أو العقوبة، ولتنطلق مسيرة "تعهداتي" من واقعية المرحلة، والفعل أولى !
سيدي ولد محمد فال –