يعاني قطاع التعليم في موريتانيا من أزمة عميقة تؤثر بشكل عام على مستوى التحصيل العلمي. بدأت هذه الأزمة منذ فترة طويلة، حيث تدهورت إدارة التعليم بفعل الإهمال وغياب الرقابة الفعالة، ما أفسح المجال للفساد الذي انتشر بصورة واسعة خلال السنوات الأخيرة.
لم تسعَ الدولة خلال حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز إلى إصلاح شامل وعميق يركز على الهيكلة التربوية والنظام التعليمي والمقررات الدراسية والرقابة والمتابعة. بدلاً من ذلك، اتبعت قرارات غير مدروسة وغير مبنية على أسس علمية تمكن من تشخيص المشكلات الحقيقية التي يعاني منها التعليم.
من بين هذه السياسات إنشاء الثانوية العسكرية ومدارس "لامتياز"، حيث تهافت المواطنون على تسجيل أبنائهم في هذه المؤسسات على أمل أن توفر لهم مستوى تعليمي متميز يحقق أهدافهم المستقبلية. لكن هذه المؤسسات لم تخلُ من الفساد، حيث تسللت المحسوبية والجهوية إليها، مما أضعف من مصداقيتها.
مع وصول نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، تم إطلاق مبادرة المدرسة الجمهورية، والتي كان يُنظر إليها كحل لإنقاذ التعليم. إلا أن هذه المبادرة أطلقت دون تخطيط أو إعداد كافٍ، وظهرت مشكلات كبيرة في ظل ضعف رواتب المعلمين وتدهور البنية التحتية للمؤسسات التعليمية. بدلاً من معالجة جذور الأزمة، حمّل النظام المدارس الخاصة مسؤولية ضعف التعليم النظامي، وسعى للقضاء على هذه المنافسة.
ما زاد الطين بلة هو أن المدارس الجمهورية الجديدة تعاني من اكتظاظ كبير في الفصول الدراسية، حيث يصل عدد التلاميذ في بعض الفصول إلى ما يقارب 90 تلميذاً. هذا إلى جانب نقص عدد المعلمين، حيث أن الكثير منهم في إجازات طويلة، مما أدى إلى تفاقم الوضع وتراجع مستوى التعليم بشكل أكبر.
هذه المبادرات المتسرعة وغير المدروسة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تدهور التعليم بشكل أكبر إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية وفعالة لمعالجة الأزمة.
الحوادث