الحوادث- في مشهد لا يختلف كثيرًا عن عروض كرنفالية لا تخلو من مظاهر الاستعراض، ظهرت وزيرة التجارة تتجول في الأسواق، محاطة بحاشية تترجم هيبتها الرسمية، في محاولة أخرى لإظهار اهتمامها بما يواجه المواطن من تحديات معيشية. ومع ذلك، فإن المظهر الاستعراضي وحده لا يكفي؛ فما يحتاجه المواطن فعليًا هو تغيير ملموس في حياته اليومية، وليس مجرد مشاهد تصدرها وسائل الإعلام.
إن القرارات التي سبق أن أعلنتها الوزارة، رغم زخمها الإعلامي، لم تحقق الأثر المرجو، بل جاءت مخجلة في مضامينها، لأنها ركزت على إجراءات لا تخدم إلا مصالح التجار، من دون الالتفات إلى المواطن الذي أنهكت كاهله الأسعار المرتفعة. كيف يمكن تخفيض الأسعار بنسبة طفيفة لا تكاد تُلاحظ، بينما يعيش المواطن تحت وطأة هيمنة الأسواق وتلاعب القوى التجارية؟
المواطن لا ينتظر ظهور الوزير في الأسواق، ولا يهمه مدى الاهتمام الظاهري الذي تحاول الوزارة إظهاره. الغرض الحقيقي للمواطن هو أن يجد حلولًا ملموسة تُمكّنه من العيش بكرامة في وجه هذه الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.
إن مواجهة هذه الأزمة تتطلب سياسات صارمة تعيد هيكلة السوق بما يضمن حماية المستهلك من جشع التجار. لابد أن تنتهج الوزارة استراتيجية تعطي الأولوية للمواطن أولاً، من خلال:
1. تشديد الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار ومكافحة الاحتكار.
2. تعزيز الشفافية في اتخاذ القرارات الاقتصادية، بحيث تصب في مصلحة المستهلك وليس في مصلحة طبقة معينة.
3. إشراك المواطن في صياغة القرارات عبر آليات استماع فعالة تلامس احتياجاته الحقيقية.
أن أي محاولة لإصلاح الاقتصاد لن تُكتب لها النجاح ما دامت تُبنى على قرارات تخدم مصالح محدودة وتُغيب المواطن عن صميمها. الوزيرة ومن معها مطالبون بترك الكرنفال خلفهم والعمل على إيجاد سياسات تحمي المواطن من سطوة الأسواق، لأن القرارات التي لا تلمس حياة الناس ستظل مجرد مظاهر خادعة.