الحوادث- تشهد وزارة التربية الوطنية ووزارة تكوين الشباب والرياضة في موريتانيا موجة من الانتقادات جراء سياساتها التكوينية التي تبدو غير فعّالة وغير مجدية في تحقيق الأهداف المنشودة. إحدى القضايا المثيرة للجدل هي تخصيص أموال ضخمة لتكوين أكثر من ثلاثمائة شاب على العمل التطوعي لمراقبة ساحات المدارس الابتدائية.
التكوين أم التلاعب بالموارد؟
تظهر هذه المبادرة كجزء من سلسلة تكوينات تهدف إلى تحسين البيئة المدرسية، لكنها في الواقع تسلط الضوء على نمط متكرر من القرارات الوزارية التي يراها كثيرون وسيلة للتلاعب بمقدرات الدولة.
غياب الفائدة الملموسة:
يتساءل المواطنون عن الجدوى الحقيقية لهذه التكوينات، إذ يرى البعض أن مراقبة ساحات المدارس لا تتطلب هذا النوع من التكوين، بل هي مهام يمكن أن تؤدى من قبل الإداريين أو فرق من الكوادر الموجودة أصلاً من قبل رابطة وكلاء التلاميذ.
هدر الأموال العامة:
المبالغ الكبيرة التي تصرف على مثل هذه البرامج تبدو غير مبررة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المنظومة التعليمية، كالاكتظاظ في الفصول الدراسية، نقص المعلمين، ورداءة البنية التحتية.
الأبعاد السياسية والاجتماعية
يعتبر كثيرون أن هذه السياسات لا تعدو كونها وسيلة لصرف الأنظار عن مشكلات أكبر، ولتوفير مظلة لخلق وظائف وهمية أو إنفاق أموال بطريقة تخدم مصالح ضيقة.
الأثر على التعليم:
في الوقت الذي تعاني فيه المدارس من ضعف الأداء الأكاديمي ونقص التجهيزات، يُنظر إلى مثل هذه المبادرات كإهدار للموارد التي كان يمكن توجيهها لتحسين الجودة التعليمية.
انعدام الثقة:
تساهم هذه السياسات في تعميق فجوة الثقة بين المواطن والدولة، حيث يُنظر إليها كأداة لتحصيل مكاسب سياسية أو شخصية، بدلاً من حل المشكلات الحقيقية.
ما المطلوب؟
إعادة توجيه الموارد:
بدلاً من الإنفاق على تكوينات غير مجدية، ينبغي توجيه هذه الأموال إلى تحسين ظروف التعليم الأساسي، كترميم المدارس وتوفير المعلمين وتحديث المناهج.
الشفافية:
يتطلب الأمر إنشاء آليات رقابة صارمة على نفقات الدولة في القطاعات الحيوية لضمان توجيه الأموال نحو المشاريع ذات الأولوية.
الإصلاح المؤسسي:
يجب أن ترتكز سياسات التكوين على خطط مدروسة، تأخذ في الحسبان احتياجات المجتمع، بعيداً عن البرامج العشوائية أو التي تبدو ذات طابع دعائي.
إن ما يجري في وزارتي التربية وتكوين الشباب يعكس أزمة عميقة في التخطيط واستغلال الموارد. الوقت قد حان لتوجيه الأنظار نحو الإصلاح الحقيقي الذي يخدم مستقبل الأجيال القادمة بدلاً من الانشغال ببرامج ظاهرها دعم التعليم وباطنها هدر وإهدار.