الحوادث- لكوارب- مدينة "لكوارب" حسب التعبير الذي يطلق عليها باللهجة الحسانية،أو "ROSSOU "بتعبير اللهجات الأخرى، عاصمة الولاية السادسة، تقع على طول شريط النهر الذي يفصل مابين موريتانيا في الشمال وسنغال في الجنوب، وتعد هذه المدينة بسبب موقعها الجغرافي منطقة زراعية بامتياز، كما تشكل بوصفها نقطة عبور منطقة تبادلات تجارية مهمة، وتدر بذلك على الدولة بعائدة كبيرة، خاصة في المجال الزراعي.
عرفت هذه المدينة تحولات حضارية، وأنماط من المبادلات التجارية متعددة، حيث شهدت مع ظهور الفرنسيين حركة تبادل تجاري لعب الصمغ الجلود والملح في درا كبيرا، فكانت بموقعها تشكل مركزا تشد الرحال إليه من أطراف الصحراء والسودان للتبادل التجاري مع الأوروبيين الذين كانوا يرسون ببضاعتهم على الشواطئ للتبادل التجاري.
وقد ظلت "لكوارب"بموقعها نقطة اتصال وتماس للتبادل التجاري والثقافي بين سكان الصحراء والسودان، وما تزال رغم الإهمال الذي يتذمر منه سكان المنطقة من طرف الدولة التي وعدت في أكثر من مناسبة أن تدعم تطور المدينة في المجال الاقتصادي والبنيوي لترقى إلى مستوى مدينة حرة كما دعمت مدينة نواذيبو.
الطريق إلى "لكوارب"
الطريق إلى "لكوارب" صعبة وشاقة، فالشارع الرابط بين العاصمة نواكشوط ومدينة "لكوارب" من أقدم الشوارع حيث أن عمره عمر الدولة الوطنيةن ولم يسبق أن التفتت الأنظمة المتعاقبة لترميمه أو تجديده، إلا ما كان في السنوات الماضية من إصلاح للمقطع الفاصل مابين "بمبري" عند الكلم 48 ومدينة "لكوارب". أما الباقي من المسافة والذي يقدر ب(156 كلم)فلم تعد صالحة للتعبيد، وتحولت بفعل التقعر إلى خطر يهدد سلامة الركاب، ويشكل هاجس رعب للمسافرين من المدينة أو إليها.. فقد ارتفعت في الفترة الأخيرة نسبة الحوادث من جراء خسارة الشارع من حادث واحد أو اثنين إلى ثلاثة حوادث يوميا.
شكل المدينة
لا يزال الشكل الخارجي للمدينة يوحى بأنها لم تشهد تطورا لا في المجال الحضري الذي يظهر من التنظيم والنظافة والأناقة،فمازال رونق البداوة يطغى على منظر المدينة، في شكل بناء المنازل العتيق، والوجود الكثير للحيوانات سائبة في المدينة، وفوضوية التخطيط، هذا فضلا عن أسواقها الغارقة في القمامة التي تنتشر في كل ركن من المدينة،وكأن لا وجود للبلدية رغم الضرائب المجحفة التي يقول المواطن أنها تلهب بها ظهره.
فرغم عمر المدينة الطويل على حدود دولة تشهد نموا حضريا وثقافيا انعكس على حياة سكانها ما تزال مظاهر التخلف العمراني والحضاري في "لكوار" هو السائد، فالبشر فيها يسكن إلى جانب الحيوان في المنزل،فمشاهد الأبقار في المنازل ويسد الطرقات حاضرة في كل مكان، ومناظر البؤس في وجوه السكان بسبب الفاقة والجوع بسبب البطالة ومحاصرة السكان الأصليين للمدينة من قبل رجال الأعمال والمستثمرين في الزراعة التي تعد عصب الاقتصاد في الولاية، والذين لا يمت أغلبهم إلى الولاية إلا بصلة الاستثمار وجلب المنافع.
في عمق المدينة
الحياة في أحياء المدينة تعكس بساطة سكانها، فأكثر السكان يعيش على ما يحصل عليه من العمل في المزارع التي يستثمر فيها رجال أعمال يسيطرون على المجال خاصة زراعة الأرز، والبعض يعيش على ما يتصيده من الصيد في النهر ، والبعض يعيش على الكسب من ما يجنيه من حمل الأمتعة في المعبر الذي يعيش على الحركة فيه العشرات من السكان المدينة. ويسيطر التجار ورجال الأعمال على حركة التجارة والصرفي، ويحجزون مساحة كبيرة من المدخل، إلى جانب الإدارات الرسمية للشرطة والجمارك ومكاتب الدرك.
في كل فترة يتطلع سكان "لكوارب" إلى واقع جديد مع أي تغير في النظام وقع بفعل انقلاب أو انتخابات ديمقراطية، وخاصة على المستوى المحلي، طال ما انتظر المواطن في "لكوارب" بشائر تخرج بالمدينة من حالة الجمود وترتقي بها إلى مكانة تيليق بموقعها الاستراتيجي حيث تقع على باب يستقبل يوميا عشرات الوافدين من مختلف العالم.
لكن أمل المواطن في التغيير يتضاءل يوما بعد يوما، خاصة بعد ما شهده من تقصير العمدة والنائب سيدي الذي كان سكان "لكوارب" يطمحون في أن يجدوا فيه الرجل صاحب الضمير المتفاني في مصلحة المواطن،والمدينة.. والذي ما كاد يتسلم البلدية والنيابة حتى دخل في صراع مع طرف – الحزب الحاكم - الذي كان يكتم على أنفاسهم ويستهتر بمصالحهم، بزعامة رئيس مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج، فقد شكلت زيادة عدد واحد في المستشارين لصالح سيدي قوة فاز بها لمنصب العمدة، لكن في العمق شكل طرف – الحزب الحاكم - المهزوم قوة تقف حجرة عثرة على مشاريع البلدية واستراتيجيتها الأمر الذي خلق عدم توازن وتجاذب بين القديم الذي يهيمن بخلايا تسيطر بفعل نفوذ محسن في قلب الدولة، والحديث القادم من معارضة موالية .
مستشارة في البلدية عن الحزب الحاكم، على خلاف مع محسن بسبب ثقته في بمب ولد درمان الذي لا يتمتع بأي قاعدة شعبية حسب المستشارة، هذه المستشارة كانت الصوت الذي قصم قشة البعير – الحزب الحاكم- لصالح العمدة الحالي، ومع ذلك فهي رافضة لتصرف البلدية وما تعانيه بسببها ساكنة "لكوارب" حتى أنها – أغلقت -أغلقت باب الرعاية الاجتماعية التي كان يستفيد منه بعض الأسر الفقيرة التي لا معيل لها أو يعاني معيلها من داء أقعده عن الصرف عليها، وتنتقد المستشارة فتح دور للعمل الخيري مغلقة على بعض محدد من الموالين لطرف جماعة الحزب الحاكم.
وتضيف المستشارة أن البلدية لم تنته بعد من صراعاتها لتتفرغ لغيرها، فلم تعمل على مشروع لتنمية المدينة، ويساعد على جلب المنفعة والخير لسكانها.
ويقول مواطن من سكان قلب المدينة "دمدك"إن المدينة كانت قد شهدت فترة من الحركة نحو النماء مع العمدة "صودينه" وما تزال تلك الفترة الذهبية حسب زعمه حية ماثلة في بعض المشآت مثل المصارف القائمة رغم أن التراب غطتها، والتي كانت تنقذ المدينة من تجمع المياه والمستنقعات في فترة الأمطار.
ظلم الإدارة
يأتي دور الإدارة التي يمثلها الوالي والحاكم والمصالح التابعة لهما والتي يعتبرونها السكان جزء من القوة التي يعانون من سلطتها، فيرى المواطن فالمواطن يرى أنها ليست سوى قوة يستخدمها صاحب النفوذ والمال ضدهم إما لسلب أرضهم أو فرضهم على خدمته بفعل القانون .
أحد المواطنين قال إن مجموعته تمتلك قطعة أرض في المجال الزراعي من المدينة، وأن أحد التجار طلب الاستثمار فيها من المجموعة وبناء على وثيقة مكتوبة بين التاجر والمجموعة تنص بنودها على أن المستثمر سيقوم باستصلاح الأرض وبالمقابل ستحصل المجموعة على نصيب من الناتج. ولكن المستثمر استعان بالسلطات ورفع دعوى يدعي فيها ملكيته للأرض، فقد استغل جهل ممثلي المجموعة ووقعوا معه على صك شراء بدل اتفاق على مصلحة مشتركة، وقد سلبتهم التاجر أرض المجموعة بفعل قوة السلطة المتمثلة في الوالي والحاكم... يتواصل