اسمي علم .. ولدت في مكان ما من أحياء الانتظار في منطقة برزخية لاهي من الميناء،ولاهي من لكصر.. لكن الذي أدركه وأعيه أني ترعرعت بين أحضان والدتي في حي شعبي فقير أعيش وإخوتي على ما تقتنيه من صناعة "العيش"و"الكسكس".. كنت أنا ثامن إخوتي .. والدي سمعت من خلال ما روتها جدتي أنه كان سائق شاحنة عندماتزوج من والدتي، ولكنه تركها قبل ولادتي بأشهر،وتزوج بأخرى في منطقة نائية بأقصى شرق موريتانيا قبل أن يتعرض لحادث سير ويموت فيه.
دخلت مدرسة الحي رفقة إخوتي الذين تسربوا منها الواحد تلو الآخر .. كنت أتخيل أن بإمكاني تحقيق حلم والدتي التي كانت تحلم أن يخرج من بين أبنائها طبيبا أو مهندسا أو أستاذا تفخر به بين نساء الحي.. إخوتي أخذوا طرقا مختلفة في مجال الإنحراف نحو الجريمة. . أخي الكبير رافق عصابة وتمكنت منه الشرطة بداخل محل تجاري يسرقه وأحيل الى السجن، بينما لم يتم ضبط أقرانه، لم يجد تدخل الوالدة، ولا الجيران الذين تعاطفوا معها .
أما أخي الثاني فقد انصرف ولم نعثر له على خبر .. إلا مايقول بعض من يعرفونه من الجيران من أنه ذهب رفقة رجل من تجار أفريقيا. .أخي الثالث معروف في الحي بوسوء الأخلاق، دخل في عراك مع شاب وطعنه بسكين حتى أوشك على الهلاك..وأحيل الى السجن على إثر ذلك.
عاشت أمي لحظات يئس وغم حولت حياتها التي كانت مرتبة ومنظمة إلى حياة مضطربة بين عملها وزيارة السجن، ومماطلة القضاء في البحث عن وسيلة لإطلاق سراح أخوي.
انشغال والدتي في أمر المعاش، وأخواي، جعلني أعيش حالة من الحرية قادتني إلى مصاحبة أطفال من حينا منحرفين.. كانوا في بداية ارتباطي بهم يحكون لي بعض القصص المثيرة التي كان زملاء لهم متأثرين لهم يقومون بها كانت أقرب إلى الخيال من الوافع. . ودفعني الفراغ الذي كنت أعيشه في غياب والدتي أن أذهب معهم إلى دور العرض، بل كنت أسهر معهم الليالي هائمين في الشوارع نفري القمامة نبحث عن فضلات الأطعمة والمشروبات ، وبت معهم ليال على قارعة الشوارع...وتعلمت من زملائي شرب الدخان وكيف ارسل أصابعي الرقيقة الصغيرة إلى الجيوب واسرق منها.. وحققت نجاحا كبيرا في الاختبارات التي خضعت لها من قبل زملائي، وذقت حلاوة لا تقدر في العمل، فقد كنت أحصل من عمل النشل على مبلغ كبير أصرفه في الحلويات والمشروبات، وشراء بعض الملابس الخفيفة حتى لا تنتبه والدتي التي كنت أخفي عنها نشاطي وعلاقتي بالأطفال اصدقائي الذين كانوا يشاركونني في العمل..كم أخفي عنها قصة علاقتي بشبان من أصحاب السوابق في الجريمة كانوا يمارسون على أنواع التهديد أن لم انفض أوامرهم.
في يوم جميل كان الجو فيه صحو والشمس ترسل أشعتها الفضية لتصبغ به وجه الأرض، كان مكان وقوف الباص يعج بالمختلفين الآييبين من العاصمة أو الذاهبين إليها... وجهت جهدي نحو أحد الباصات المتجهين نحو العاصمة، ودخلت بين المتدافعين، وبالصدفة أرسلت يدي في جيب أحد المتدافعين للدخول، وفجأة أحسست بيد ثقيلة تحكم قبضتها على معصمي الصغير، رفعت عيناي بين الوجوه فإذا الذي يحكم قبضته علي علج كادت يدي تتفتت في راحته.....