الحوادث- شاب لا يعرف الاتكالية، والارتزاق على الغير..قرر بعد حصوله على شهادة ختم الدروس الإعدادي لالتحاق بالتعليم.. وبعد تخرجه من المدرسة نقل معلما متدربا إلى أقصى شرق البلاد، ثم بعد ذلك بسنوات إلى شمالها حيث درس في الكثير من القرى النائية على شريط الحدود شمال البلاد.
رغم أنه ينحدر من الجنوب حيث رطوبة النهرو درجة الحرارة المعتدلة.. لكنه تلاءم مع الأجواء في المناطق التي عاش فيها، وتنقل بينها معلما بين الأخصاص والخيم، والبيوتات الهشة، إلى استقر معلما في إحدى المدارس بمدينة أطار عاصمة آدرار.
وفي المدينة بعد سنوات طويلة من العزوف عن الزواج، تعرف على ابنة أسرة من الأسر الكريمة في المدينة، وتقدم للزواج منها، وبدأ في الاستقرار و بناء أسرة، تعتمد في عيشها على راتب معلم ليس لديه أي عمل إضافي، يرفض تدريس الدروس الخصوصية،رغم إلحاح الجيران عليه بتدريس أبنائهم لتقوية مستوياتهم... وظل حال المعلم مستورا،والأسرة راضية بما هي فيه من نعمة الله.
ومرت السنوات بسرعة البرق.. وأصبح المعلم أبا لمجموعة من الأطفال، بينهم ذكوا وإناثا، واضطر على مضض بعد أن ازداد الحمل عليه أن يخصص حجرة من بيته لتدريس الأطفال دروسا خصوصية، وانهال عليه التلاميذ،لما لدي الأسر في المدينة عنه من سمعة طيبة في المدرسة، و إتقان للمواد التي يدرسها، وما يوصف به من دماثة أخلاق..وجد المعلم تحسنا وزيادة في النعمة التي يحصل عليها من الدروس الخصوصية للأطفال في المنزل.
وبعد فترة وجد في نفسه شوقا وحنينا للعودة إلى أهله، والقرب من والدته التي ضعفت، وصارت بحاجة إليه في جانبها،وحرارة شوقها لرؤية أطفاله.
قرر بعد مناقشة الموضوع مع زوجته التي وافقت على الفور على الرحيل معه إلى حيث يشاء.. وعزم الرحيل إلى نواكشوط بعد أن حصل على تعهد من شخصية نافذة شرح لها الظروف التي اضطرته إلى طلب التحويل إلى العاصمة.
ونجح المتنفذ في تحويله إلى مدرسة في الحي الذي تسكنه والدته.. وسرت الوالدة كثيرا بوجود الابن إلى جانبها، وفرحت بأطفاله وزوجته التي كانت العجوز تتوقإلى تراها إلى جانبها رفقة أطفالها الذين ارتموا في أحضانها ..
قرر المعلم شراء قطعة أرضية بالمال الذي كان جمعه من ما كان يوفره من الدروس الخصوصية.. وكلف سمسار من سماسرة الحي بمهمة البحث له عن قطعة أرضية في منطقة نابضة بالحركة المواصلات، وسعرها في متناوله.
بعد أيام جاء السمسار وذكر للمعلم شخصا لديه قطعة أرضية للبيع، ومالكها مضطر لبيعها لظروف قاهرة حسب زعمه.. لم يتردد المعلم في شراء القطعة الأرضية عندم ا عاين مكانها، وأكد له صاحبها سلامة أوراقها بشهادة بعض مرافقيه..ودفع المعلم في القطعة كل ما كان ادخره للأيام القادمة من مال، واستلم الأوراق ووثيقة البيعة من موثق عقود.
فرحت الأسرة بالخبر كثيرا..بل قررت زوجته المساعدة ببناء حائط وبيت ومرافق بمبلغ من المال كانت تدخره لدى إخوتها، وأرسلت في الحال تطلبه،وبعث الأخوة إليها بالمال.. وجاء المعلم إلى مكان القطعة الأرضية رفقة بناء ليرسم له فيها المخطط الذي سيبني عليه القطعة..لكنه تفاجأ بأسرة مجاورة للقطعة تهجم عليه وتهدده بالقتل إذا لم يغادر المكان حالا.. وتتهمه بالسرقة والنصب والاحتيال على قطعتهم.
ارتبك المسكين من هول الموقف، ومادت به الأرض، ولم يقدر على الصمود واقفا..ولم يدري إلا وهو في مخفر للشرطة، أمام وابل من الأسئلة حول علاقته بالقطعة التي كان يقف فيها..وما مصدر الأوراق التي ضبطت بحوزته للقطعة.. وبعد وقت من الأخذ والرد مع الشرطة تبين له أنه وقع فريسة شبكة نصب واحتيال منظمة.
وعاد المسكين شارد البال، مطأطأ الرأس، مرتجف الخطى إلى أسرته ، متطاير اللب، مشتت الأفكار، لا يدرى ماذا يقول.. إذا سألته زوجته ماذا فعل في سبيل ما كان مقبل على فعله من بناء في القطعة ..وما كاد يدلف من باب المنزل حتى سقط مغشيا عليه.
مرت أيام على المعلم الذي تماثل للشفاء من الصدمة اثر الوقعة التي انتشر خبرها بين أفراد أسرته،وتأسف الجميع له، وتمنوا من الله أن يعوضه خير منها..وذهب المعلم في البحث عن الرجل الذي باع له، ومن خلال البحث عنه عثر على معلومات تفيد أن الرجل الذي باع له يقود شبكة واسعة الانتشار للنصب والاحتيال.. وأنه يتعاون مع نافذين، لديهم أذرع طويلة في مراكز القرار.. والأمن .
وأنه من المدمنين على السجون.. وعثر المعلم على الزعيم المعروف ب"عبد الله اخنيشيش"..وما أن التقى به حتى استقبله بحفاوة، ووعده بدفع المال الذي كان قد اخذ منه خلال فترة أسبوع، واشترط المحتال على المعلم أن يرافقه إل الموثق، ليوثق له أنه سيعطيه المبلغ في وقت قصير، بشرط أن يعيد إليه الوثائق لأن القطعة سيبيعها لشخص .. قبل المعلم اقتراح المحتال الذي وثق له على وثيقة بموجبها يكون –المعلم- يطالب المحتال بمبلغ على سبيل الدين.
وضاع حق المعلم الذي جمعه بالكد والتعب في ظهر المحتال الذي أحيل إلى السجن بتهم أخرى لاحقته بعد ذلك..